
الصحفي عصام أبومدينة يكتب
مدينة النهود بين فوضى الاحتلال ومأساة الأوبئة
تعيش مدينة النهود المحتلة، غربي السودان، واحدة من أسوأ فصولها بعد أن سقطت في قبضة مليشيا الدعم السريع المتمردة، التي فرضت سيطرتها بالقوة، مخلفة وراءها سلسلة من الانتهاكات الجسيمة بحق السكان المدنيين.
يمثل احتلال الدعم السريع للنهود في حد ذاته كارثة، ليس فقط لما سبّبه من دمار مباشر، بل لما فتحه من أبواب جحيم أمام المدنيين العزل. فمنذ اللحظة الأولى لدخول المدينة، مارست هذه المليشيا جرائم ممنهجة تمثلت في القتل، والنهب، والترويع، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني وكل الأعراف التي تحكم النزاعات المسلحة.
لم تكتفِ المليشيا بذلك، بل عمدت إلى تصوير مشاهد مختارة من داخل المدينة بعد احتلالها، محاولة عبر وسائل إعلامها الموجهة أن تصنع سردية زائفة تظهرها في موقع الضحية، بينما الوقائع الميدانية تثبت أن الدعم السريع هو الجاني، والمجرم الرئيسي في مأساة النهود.
وتفاقمت الكارثة مع دخول فصل الخريف، حيث انتشرت الأوبئة، وعلى رأسها وباء الكوليرا الذي يحصد الأرواح يومياً، أصبحت النهود مدينة منكوبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لقد أدى نهب الصيدليات والمراكز الصحية من قِبل عناصر المليشيا إلى انعدام الأدوية، بينما اضطر الكادر الطبي إلى النزوح من المدينة حفاظًا على أرواحهم، مما ترك السكان في مواجهة مباشرة مع المرض والموت، دون علاج أو رعاية.
إن ما يحدث في النهود المحتلة هو جزء من نمط أوسع من جرائم مليشيا الدعم السريع في مناطق متفرقة من السودان، الأمر الذي بالضرورة يعجل الحسم العسكري وتطهير كردفان ودارفور من دنس المليشيا المتمردة.