محمد ضياء الدين يكتب : جنوب كردفان المنسية مأساة إنسانية تستدعي التدخل العاجل
خرطوم سبورت

جنوب كردفان المنسية
مأساة إنسانية تستدعي التدخل العاجل
محمد ضياء الدين
تشهد جنوب كردفان، خاصة مدن كادقلي، الدلنج، والدبيبات، كارثة إنسانية صامتة ومنسية، تتفاقم يوماً بعد يوم بعيداً عن أضواء الاهتمام الداخلي والدولي. فبينما يتركز الإهتمام على حصار الفاشر ومعاناة سكانها – وهي بلا شك مأساة تستحق الإهتمام – تئن مدن جنوب كردفان تحت وطأة الحصار والحرب التي لا ترحم، تاركة وراءها مأساة حقيقية من الجوع والفقر، تهدد حياة الآلاف من المواطنين بالموت البطيء.
بسبب ذلك أصبحت هذه المدن المحاصرة شواهد على معاناة إنسانية تصل إلى حد الكارثة، حيث بات السكان يشعرون بأن المجتمع قد تخلى عنهم في محنتهم القاسية.
ومع ذلك ورغم فداحة المعاناة، تُظهر الأطراف المتنازعة عدم إكتراث واضح بحياة المدنيين وسلامتهم، ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتردي.
إن الحصار المفروض على هذه المدن، إلى جانب النزاع المسلح المستمر، أصبح يهدد الموسم الزراعي بشكل مباشر، وهو الشريان الحيوي الذي تعتمد عليه الغالبية العظمى من السكان في معيشتهم، سواء عبر الزراعة أو الرعي. وقد أدى هذا الوضع إلى إنعدام شبه تام للسلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك العلاج والدواء ووسائل المواصلات، فضلاً عن إرتفاع جنوني في الأسعار.
إن مأساة مدينة كادقلي الجميلة، حاضرة الولاية التي أنهكتها سنوات الحروب المتتالية، يقبع السكان في قاع الفقر المدقع والجوع الشديد، مما يجعلهم عرضة للمرض والموت. على سبيل المثال تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليون شخص في جنوب كردفان يعانون من إنعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم آلاف الأطفال المعرضين لخطر سوء التغذية الحاد.
في ظل هذا الوضع الكارثي، بات من الضروري أن يولي المجتمع الدولي اهتماماً خاصاً بمعاناة المواطنين المحاصرين والنازحين في جنوب كردفان ودارفور، وكذلك في مراكز اللجوء والنزوح بدول الجوار.
يجب أن يُمارس ضغط فوري على أطراف النزاع لوقف إطلاق النار، أو على الأقل التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة ومراقبة، تتيح فتح ممرات إنسانية آمنة، مع تمويل عاجل لإدخال المساعدات الغذائية والدوائية، وإعادة تأهيل المرافق الصحية.
كما أن هناك حاجة ملحة إلى ضغط شعبي ومجتمعي داخلي على الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، وصولا لإنهاء الحرب وإنقاذ الأرواح التي تُزهق كل يوم.
إن الحاجة إلى حملة إغاثة غير مسبوقة أصبحت ماسة وضرورية، خاصة مع تزايد أعداد الجوعى والنازحين واللاجئين إلى مستويات غير مسبوقة.
كما يجب على طرفي الحرب تحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الوضع الإنساني الكارثي.
أليس من العار أن يموت الأطفال وكبار السن جوعاً في القرن الحادي والعشرين؟
ألا يكفي هذا الدمار والمعاناة لإنهاء الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات؟
إلى متى ستستمر هذه المأساة التي تفتك بأرواح الأبرياء وتدمر مستقبل السودان؟
إن أهلنا المحاصرين في مدن الأشباح، مدن الجوع والفقر، يستحقون أكثر من التعاطف، بل يحتاجون إلى تحرك عاجل ينقذ ما تبقى من حياتهم وكرامتهم.
هذه الكارثة وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء>.