
الهلال السوداني يحتفل بالذكري الخامسة والتسعين
ليلة الثالث عشر من فبراير عام 1930، اتخذ الهلال مقعده في السماء لتستلهم منه العقول سرّ الاسم لكيانٍ تحوّل إلى واقعٍ بعد أن كان فكرة في عقول مؤسسيه، الخريجون رفاق حمدنا الله أحمد، ويوسف المأمون، وبقية العظماء.
ولأن الأفكار العظيمة تكبر دومًا، صار الهلال لأم درمان رمزًا، وللسودان فخرًا، ولعاشقيه بيتًا يجمعهم. هو وطنهم المصغّر، تكفيك المحبة فقط لتنال جنسيته. لنا قصصٌ وحكاياتٌ وبطولاتٌ تناقلتها السنوات لتصل جيلًا بعد آخر، من أيام دار الرياضة إلى ليالي المقبرة وصولًا إلى الجوهرة.
كانت للأشياء هنا طعمها الخاص: الصباح الذي يبدأ وأنت تعرف أن ختامه رؤية سيد البلد، ضجيج شارع العرضة، طريق الاستاد، واللون الأزرق الذي يغلّف المكان، بائعو الصحف والمكسّرات، الشخص الذي تصادفه للمرة الأولى على باب الدخول فيصير صديقك مباشرة، تلك المدرجات التي تجمع أناسًا بسحناتٍ مختلفة وهمومٍ مختلفة، ينتظرون أن تهبط من على أكتافهم في تسعين دقيقة، مدرج الأولتراس الصاخب، صرخة الحب من الأعماق لحظة الهدف، وشعور أنهم انتصروا من أجلك بعد معاركهم العظيمة ضد الخصوم.
خمسة وتسعون عامًا مرّت على وجود الأزرق الباهي، كنا فيها نشكر الله، ونحب الوطن، ونعشق الهلال. وسنوات أخرى قادمات، نسعى فيها ليكون (هلالنا فوق) أكثر فأكثر. في ثنايا القلب، يتربّع كل من قدّم لهذا الكيان يومًا؛ من مناضلين أسسوه، إلى أساطير دافعوا عن شعاره، إلى رجال حملوه على أكتافهم وقت الشدائد، إلى أوفياء ساندوه في كل أحواله وما زالوا.
وسيبقى الطريق من المنزل نحو تلك البقعة الزرقاء دومًا، هو أجمل مشاوير الحياة .