Uncategorized

عبدالحميد الرفاعي يكتب : الشرق الأوسط ..ألآم وأحلآم مابين الحرب والسلام

خرطوم سبورت

الشرق الأوسط ..ألآم وأحلآم مابين الحرب والسلام

بقلم:عبدالحميد الرفاعي

يبدو أن البشرية بحاجة ماسة لصوغ مفهوم جديد يقبع مابين الحرب والسلام، لحلحلة مشاكلها، لا سيما وان العقود والسنوات الاخيرة شهدت حروب عديدة ولا واحدة منها آتت أكلها!

وذلك على إختلاف منطلقاتها ،

حينما نتبع فلسفة الحرب نفسها بأنواعها المختلفة:

اولاً:الحرب العادلة: منذ ايام رجل الدولة الروماني الإمبراطور ششرون والذي صاغ مفهوما والتي تهدف لاستعادة حق منهوب ،وإعادة الوضع الى ماكان عليه، والحرص على معاقبة المعتدي وذلك بوضع القوة في خدمة العدالة ومن أكبر المدافعين عن هذا المفهوم الفليسوف الألماني” ليبتز” وهو الأمر الذي يمكن أن نسقطه على حرب الخليج الثانية(١٩٩٠-١٩٩١)حين غزا صدام حسين الكويت، بزعمه ان الأخيرة جزء من العراق ،فهل إحتل صدام الكويت ؟او إستعادة الكويت سيادتها وفقأً لشروط وجودها السابقة؟

ثانياً:حرب التأسيس:والتي تسعى لإقامة وضع حقوقي جديد وذلك بجعل القانون في خدمة القوة ،ومن أكبر المدافعين عن هذا المفهوم الفيلسوف الإنجليزي هوبز في القرن السادس عشر وهو الأمر الذي انطبق ضمنياً على الحرب الروسية الاكرانيةفي فبراير٢٠١٤ و التي لا تزال مستمرة حتى الآن..

وللمتبع لحركة الحرب عبر التاريخ الحديث وتحديداً فترة مابعد الحرب العالمية الثانية(١٩٣٩-١٩٤٤) وعلى سبيل المثال لا الحصر:

– الحرب الفايتنامية(١٩٥٥-١٩٧٥) والتي تعتبر جزء من الحرب الباردة مابين فيتنام الشمالية مدعومة من قِبل الإتحاد السوفيتي ،وفيتنام الجنوبية مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي انتهت بهزيمة الأخيرة…

– حرب افغانستان مع روسيا(١٩٧٩-١٩٨٩):والتي دعمت فيها الولايات المتحده الامريكيه المجاهدين الافغان والتي اسست مستقبلاً تنظيم القاعدة والذي عاد وبالاً على الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مما افرز حرب افغانستان الثانية (٢٠٠١-٢٠٢١)مابين أمريكا وحلف الناتو ضد ماعرف بتنظيم القاعدة وحركات الجهاد الإسلامي والذي بموجبه افرز العديد من المجموعات الإرهابية.

– حرب الخليج الاولى(١٩٨٠-١٩٨٨) مابين العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية

– حرب الخليج الثانية(١٩٩٠-١٩٩١)حينما غزا صدام حسين الكويت والتي اسمتها الأخيرة عملية درع الصحراء والتي انتهت بتعقيدات مازالت تعاني منها المنطقة إلى اليوم’

– أما لو إستعرضنا حروب إسرائيل في المنطقة العربية منذ إعلان ميلادها في ١٩٤٨ وبتروجيها لسردية الحرب العادلة وان الآخر سواء أن كان عربي أو اعجمي فإنه يتحرش بها ويحول المنع دون إستعادة حقها التاريخي المغتصب في أرض الميعاد وأي محاولة لتبني سردية مختلفة من الاخرين إعتبرتها إسرائيل تهديداً إما قائماً او محتملاً ولنستعرض معاً مواجهاتها مع العرب اولاً وتبريراتها:

– حرب الجيوش العربية في ١٩٤٨ حيث روجت لفكرة ان إسرائيل الدولة الصغيرة الناشئة التي تحاول إستعادة أرضها في مواجهة محيط عربي قوي يحاول ان يستلمها وقد نجحت في كسب تعاطف المجتمع الدولي لحد كبير…

٠ مشاركتها في حرب قناة السويس مع حليفتيها بريطانيا وفرنسا بزعم الدفاع عن مصالحها الحيوية في قناة السويس

.حرب الايام الستة كما تسميه إسرائيل في يونيو ١٩٦٧ والتي واجهت فيها أربعة جيوش مجتمعة لكل من مصر وسوريا والاردن والعراق، بضربة إستباقية واحتلت فيها كلا من سينا وغزة والضفة الغربية والجولان، التي اطلق عليها عراب الصحافة المصرية الاستاذ محمد حسنين هيكل “النكسة” والتي كان الهدف الاسرائلي منها القضاء على الخطر المحيط بها من تلك الجيوش “حرب تأسيس”، وكانت بالنسبة للعرب حرب “عادلة”

. حرب إكتوبر ١٩٧٣ والتي اسماها المصريون “حرب العبور” والتي انتصرت فيها الإرادة العربية واستعيدت فيها الكرامة ،ولكن للأسف بشكل جزئي حيث نجح المصريون في إستعادة سينا ، بينما ظلت بقية الاراضي مغتصبة،وانتهت بذهاب السادات إلى كامب ديفيد في ال١٩٧٨ والتي قادت إلى قطعة بين مصر وإخوانها العرب.

. الغزو الإسرائيل لجنوب لبنان في مارس ١٩٧٨ حتى وصلت نهر الليطاني و هي الحرب التي إعتبرتها إسرائيل تأمين لحدودها مع لبنان بحدود ١٠كيلو في عمق الجنوب اللبناني من هجمات المقاومة الفلسطينية وسوريا التي كانت تنطلق من هناك

. ثم عادت لغزوها في اغسطس ٢٠٠٦ والتي عرفت بحرب لبنان الثانية بحجة القضاء على حزب الله المدعوم من ايران وسوريا

. طوفان الأقصى في السابع من إكتوبر ٢٠٢٣ الأمر الذي حزر منه سياسيين ومحللون ومراقبين ان أوضاع العرب في غزة والضفة الغربية أصبحت متدهوره وأن الحقوق المدنية شبه مصادرة وكل ذلك قوبل بكثير من الصلف والتعجرف من الجانب الإسرائيلي حتى جاء الطوفان مفجراً للاأوضاع في إسرائيل بطولها وعرضها من مستطوطنة ديمون شمالاً، وحتى هود هارون جنوباً، ومن القدس شرقاًحتى الحدود مع مصر غرباً، وردت إسرائيل بمهاجمة قطاع غزة والضفة الغربية ..حيث سقطت السردية الإسرائيلة امام العالم اجمع، بقتلها لمايربو عن ال٦٠.٠٠ مدني وقرابة المليون جريح ..

حيث خرجت إسرائيل من هذه الحرب كالكلب المسعور او كما يقول أهلنا بشمال الوادي(تلوش) هاجمت كل ماحوله من بشر وشجر وحتى الحجر حيث بدأت بإقتيال قائد كتائب المقاومة محمد الضيف وغيره من قيادات الصف الاول ومن بينهم يحيا السنوار ، والإقتيالات طالت حتى القيادات الشيعية مثل قائد كتائب حزب الله اللبناني حسن نصر الله ،وغيرهم الكثير حيث اتهمت إسرائيل ايران بالوقوف وراء هذا الهجوم وعملت على التخلص من الاذرع الإيرانية في المنطقة مثل حزب الله في لبنان، وتكفل حلفائها من الامريكان والبريطانين بتسديد عدة ضربات جوية للحوثيين في اليمن والقضاء على المليشيات التى تتبع لايران في سوريا من خلال صفقات دبلوماسية مع روسيا وتركيا لتصفية وجودهم بالمنطقة، ولم تقف عند ذلك الحد ..

. بل قررت غزو ايران نفسها ١٣ يونيو الماضي من خلال القضاء على القدرة الصاوريخية عبر ضرب مصانع و مخازن السلاح ، بالإضافة لمنصات إطلاق الصواريخ ،بمشاركة خلايا نائمة في الداخل الإيراني حيث عملت على تعطيل أجهزة الدفاع الجوي من رادارات وبطاريات مضادة للصواريخ و الطائرات،كما إستخدمو المسيرات بالإضافة إلى المقاتلات الهجومية الإسرائيلية كان لها دور كبيرة في العملية التى اسمتها إسرائيل ” بالأسد الصاعد”

. حيث احدثت عدة إختراقات إستخباراتية، وقضت على الكثير من قيادات الصف الأول م الحرس الثوري مثل قائد الحرث الثوري الواء حسين سلامي، وقائد أركان الجيش الإيراني محمد باقر ،وقائد الاستخبارات العامة بالجيش الإيراني غلام رضا محرابي، وقائد الإستخبارات في الحرث الثوري محمد كاظمي، و على احد عشر عالماً من علماء الذرة من بينهم: فريدون عباس دواني الامين العام الأسبق لمنظمة الطاقة الايرانية ، ومحمد مهدي طهرنجي رئيس جامعة ازاد الايرانية، وغيرهم من القادة والعلماء أصحاب التخصصات الدقيقة…

. كما قام عراب إسرائيل وحليفها الأكبر “امريكا” بضرب المفاعلات النووية الرئيسية الثلاث (فوردو-نطنز-اصفهان) ،مستخدما مقاتلاته الشبحية F35 مما الحق ضرر كبير جداً بالمشروع النووي الإيراني ،خصوصاًبعد فشل إيران في إتمام صفقة طائرات السيادة الجوية ‘سوخوي35’ الروسية…

*في حين يرى مراقبون ان هذه الضربة الأمريكية ماهي إلا تنفيس للضغط الذي يمارسه اللوبي الصهيوني على الإدارة الأمريكية ويدعمون هذا الرأي بأن أيران لازالت تحتفظ بكمية مقدرة من اليورانيوم المخصب بنسبة تتجاوز ال٨٣% ،وهي كافية لصنع ١٠ رؤس نووية…

ورقم هذه الحرب المكثفة إلا أن العالم تفاجئ في اليوم التالي للعربات الامريكية بأعلان تراب عن الوصول إلى صفقة لإنهاء الحرب تتمثل في إلتزام ايران بوقف إطلاق النار scase faire لمدة ستة أيام تليها هدنة لمدة ١٢ يوم كتمهيد لإنهاء الحرب تماماً…

*فإذا تجاوزنا تعقيدات الحرب وعبثية المشهد ،حيث أن أمريكا تقصف إيران ليلاً بيد من حديد لتعود صباحاً تلوح بذات اليد بالسلام.

والاغرب من ذلك تصفيق الطرفين المتقاتلين لهذه النهاية على مسرح العبث الدولي الكبير…

وإن اطلق كلاً منهم بعض النيران إمعاناً في العبث..

ولكن تجاوزاً لكل هذا نجد الأحداث تجرجر أدمغتنا لنجد أنفسنا أمام سؤال محير وكبير:

“إذا كانت حالة السلم لا تحفظ الحقوق ولا تصنع سلاماً حقيقياً، ولا الحرب تحقق الأهداف السياسية، فما هي الحالة التي تجعلنا أقرب مانكون للإستقرار”

. إذ أن إسرائيل حسب أهدافها المعلنة من هذه الحرب:

اولاً:القضاء التام على القدرة الصاروخية لإيران وهو الأمر الذي نجحت فيه إلى حدٍ ما ،ولكن ما يجعل النجاح الكامل فيه مستحيلاً هو أن إسرائيل هي وحدها من تمتلك تكنلوجيا هذه الصواريخ محلية الصنع ولا احد يعلم أسرارها وتمتلك منها ترسانة ضخمة تمكنها من مواصلة الحرب لأطول فترة ممكنة،بخلاف إسرائيل التي تعاني من قصر النفس الحربي! بسبب قلة الموارد البشرية وضيق ذات الأرض، إذ أنها تعاني من نقص واضح في مضادات الصواريخ و الأسلحة ونراه كانت تستنجد بالولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة للتدهور الإقتصادي إذ ان هذه الحرب استنزفتها مايزيد عن ٤ مليتر دولار في اقل من اسبوعين ناهيك عن المباني والمقار التي دمرت..

ثانياً: القضاء على المشروع النووي الإيراني وهو الأمر الذي ايضاً لم يتحقق بالكامل و في أفضل الأحوال نستطيع أن نقول انها نجحت في تأجيله لبعض الوقت إذ لازالت ايران تحتفظ بكمية مقدرة من اليورانيوم المخصب..

ثالثاً:القضاء على النظام الإيراني ، وتحديدا في هذا المضمار ،يمكن أن نقول ان المساعي الإسرائيلية أتت بنتيجة عكسية ،إذ أن النظام الداخلي برغم ماكشفته أجهزة المخابرات الإيرانية عن مايربو عن ال٧ الف عميل، إلا أن المعارضة تضامنت مع النظام والشعب وأصبح النظام أكثر شعبية مقارنة بما يواجهه نتنياهو من غضب شعبي في الداخل الإسرائيلي …

*ونخلص من هذا السرد أن الحرب بجرد حساب بسيط لاتأتي أكلها على الأرض ولا تغطي نفقاتها ناهيك عن حالة الفوضى غير الخلاقة التي تعقبها لا سيما فرض حسابات جديدة وواقع جديد.

ومن ثم يعود ذات السؤال ويطفو على السطح: “ما الحل؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى