الاخبار

عبدالله الشريف عبدالله يكتب: لماذا القبلية؟… لا للقبلية

خرطوم سبورت

عبدالله الشريف عبدالله يكتب:

لماذا القبلية؟… لا للقبلية

 

يُعاني معظم المجتمع السوداني، خاصةً في ولاية غرب كردفان، من داءٍ خطير اسمه القبلية أو العنصرية؛ هذا الوباء الذي تفشّى وانتشر منذ أمدٍ بعيد، وانتقلت عدواه بصورةٍ مخيفة كادت أن تفتك بجيلٍ كاملٍ لولا لطف الله.

 

فالأجيال الحالية – بدلًا من أن تتغذى منذ نعومة أظفارها على حب الآخر – شبعت بالنعرات القبلية والعنصرية التي أضرّت كثيرًا بالتعايش السلمي والنسيج الاجتماعي، الذي كانت تتمتع به بعض الإثنيات في غرب كردفان.

 

والمؤسف أنّ بعض من يُظنّ فيهم أنهم قادة مجتمع أصبحوا يفاخرون بهذا الأمر، فنراهم يتحدثون: حلّتي وحلّتك، ولايتي وولايتك، تمثيلي القبلي في الحكومة ضعيف وتمثيلك أقوى… بالله عليكم، هل هذا وقته؟ ألسنا جميعًا أبناء غرب كردفان؟

 

ألم يهتدِ هؤلاء بهدي الآية الكريمة في قول الله تعالى:

 

> ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقَاكُم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾

(الحجرات: 13)

وكذلك قول الصادق المصدوق ﷺ حين قال عن القبلية:

«دعوها فإنها نتنة».

فبدلًا من أن يعمل هؤلاء بهدي القرآن والحديث لإصلاح مجتمعاتهم التي أُفسدت بالقبلية وكراهية الآخر، أصبحوا يبحثون عن بيئات خصبة ينثرون فيها هذه البذور النتنة. بل تجاوزوا ذلك إلى التدخل في مؤسسات الخدمة المدنية!

 

بالله عليكم، ماذا قالت الآية الكريمة آنفة الذكر؟ هل قالت: لتعارفوا، أم قالت: لتتوسطوا لنقل فلان من هذا الموقع إلى ذاك؟ هل قالت: لتعارفوا، أم قالت: لتفرضوا شخصًا على مؤسسة ما – وزيرًا كان أو مديرًا عامًا أو موظفًا أو حتى عاملًا بسيطًا؟ ما دخل القبلية في الخدمة المدنية؟

 

من هنا، لابد أن ندعو أصحاب الوعي والبصيرة – وهم كُثر – إلى العمل على تغيير هذا المفهوم الخاطئ، الذي لا يرفع المجتمعات ولا ينهض بالولاية، بل جرّها إلى التخلّف عن ركب الولايات الأخرى.

 

كما ندعو ولاة أمورنا (الوالي ونائبه) إلى الترحيب بالمبادرات الهادفة والبنّاءة، خاصة تلك التي يقدمها الشباب والجهات المتخصصة مثل مؤسسات التعليم والجامعات، من أجل استئصال هذا الداء من جذوره.

 

ولا نشك أنّ (اللواء جايد والأستاذ كرشوم) يدركان تمامًا أن إصلاح المجتمعات من داء القبلية لا يقل أهمية عن ملف تحرير الولاية من المليشيات المتمردة، الذي نأمل أن يتحقق قريبًا. فمرحلة ما بعد الحرب تحتاج إلى مجتمعٍ معافى من كل الأمراض، وفي مقدمتها القبلية.

 

وحتى لا تُوجَّه لكما أصابع الاتهام من المتربصين – الذين يعلمهم الله وتعلمونهم – بأنكما تُهملان هذا الملف وتكرسان له، أمضيا فيه بقوة، وستجدان من يقف إلى جانبكما في معالجته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى