عصام ابومدينة يكتب:انتصارات كردفان ، بداية العد التنازلي لنهاية مليشيا الدعم السريع المتمردة
خرطوم سبورت

عصام ابومدينة يكتب:انتصارات كردفان ، بداية العد التنازلي لنهاية مليشيا الدعم السريع المتمردة.
يشهد محور كردفان هذه الأيام انتصارات حاسمة للجيش السوداني والقوات المساندة له ضمن معركة الكرامة. هذه الانتصارات لم تكن مجرد تحركات عسكرية عابرة، بل جسدت تحولًا استراتيجيًا عميقًا في موازين القوى لصالح القوات المسلحة. فالمشهد الميداني والسياسي معاً يؤكد أن مليشيا الدعم السريع باتت في مرحلة التراجع والانهيار، بينما يمضي الجيش بثبات نحو الحسم النهائي.
على مدى الأشهر الماضية، اعتمدت المليشيا على خطاب دعائي مبالغ فيه حول سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد. لكن الوقائع اليوم تكشف زيف تلك الادعاءات؛ فاستعادة الجيش لمناطق استراتيجية مثل كازقيل والرياش وغيرها ليست مجرد تقدم عسكري، بل إعلان واضح أن المبادرة باتت في يد القوات المسلحة، وأن المليشيا بدأت تفقد مواقعها تباعاً أمام ضربات محكمة من البر والجو.
التحولات لا تقف عند حدود الميدان. فالمناطق التي حررها الجيش تحولت إلى ساحات احتفالات جماهيرية تعكس ثقة الشعب بقدرة القوات المسلحة على استعادة الأمن. وبالمقابل نزوح عائلات مرتبطة بالمليشيا من كردفان نحو دارفور وتشاد وجنوب السودان يؤكد أن حتى البيئة الحاضنة للمتمردين بدأت تتخلى عنهم، بعد أن أدركت أن وجودهم أصبح عبئاً لا سنداً.
ورغم ما يردده البعض عن قدرة المليشيا على المناورة، إلا أن الحقيقة الميدانية تثبت العكس: الانهيار المعنوي يتسارع، وخسارة الأرض تتضاعف، والجيش يتقدم بخطط مدروسة دون أن يمنح العدو فرصة لالتقاط أنفاسه. فالتوجيهات الحاسمة التي أصدرها نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي بـ”فك اللجام” جاءت لتؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد حسماً أكبر، وأن أي محاولة للتراجع أو الانسحاب من المناطق المحررة لم تعد خياراً وارداً.
منذ اندلاع التمرد، يلحظ المتابع أن الجيش انتهج استراتيجية التقدم المحسوب لا الاندفاع، في دلالة واضحة على نضج قيادته العسكرية وحرصه على سلامة المدنيين. هذا النهج يكتسب أهمية مضاعفة في مناطق ذات طبيعة معقدة مثل غرب كردفان ودارفور، حيث التشابكات القبلية وخطوط الإمداد العابرة للحدود، ما يضمن إحكام السيطرة مستقبلاً وقطع أوصال الدعم السريع من جذوره. ومعركة الفاشر مثال بارز على ذلك؛ فهي ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل قضية إنسانية وسياسية تتعلق بمصير نحو 900 ألف محاصر، تُدار برؤية متكاملة تدرك أن التحرير الحقيقي لا يكتمل إلا بتأمين المدنيين وترسيخ الاستقرار بعد الحسم.
إن ما نشهده اليوم هو بالفعل بداية النهاية لمليشيا الدعم السريع. صحيح أن الحرب لم تصل إلى خط النهاية بعد، لكن ملامح الحسم أصبحت أوضح من أي وقت مضى: الجيش يوسع مكاسبه، والمليشيا تفقد أوراقها بسرعة، والخط البياني للصراع يميل بشكل متسارع لصالح الدولة وقواتها المسلحة.
السودان يقترب من لحظة فارقة، لحظة تُدفن فيها أوهام المليشيا بأن تكون “دولة داخل الدولة”. وحتى يحين ذلك اليوم، يظل المؤكد أن معركة الكرامة تسير في اتجاه واحد: نحو نصر حاسم لجيشنا السوداني وقواته المساندة.