
بين حادثة (الهويد).. وتوجيهات د.نوارة وحديث يوسف عبد المنان ..!!
محمد إدريس
مطلع هذا الأسبوع انهار منجم “كرش الفيل “بمنطقة الهويد التي تقع في المنطقة الصحراوية بين هيا وعطبرة، عند تخوم حدود البحر الأحمر مع نهر النيل، وفي لحظة كارثية ومأساوية ارتطمت الصخور بالأجساد النحيلة للمعدنين التقليديين، وفي عمق الآبار السحيقة كان البحث المضني يجري عن جثامين 11 و7 جرحى، فقد تبددت أحلام البحث عن كميات الذهب لتغيير واقع الحياة الصعبة إلى عيش رغيد، إلى مجرد العثور على الجثمان والرفات وكفن من طرف السوق وشبر في المقابر كما يقول الشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم في قصيدته الشهيرة (نحن والردى).!
الحادثة ليست جديدة في قطاع التعدين تتكرر بصورة تكاد تكون راتبة دون الاستفادة من الدروس، حيث يشهد قطاع التعدين التقليدي مخالفات تتعلق بمدى تطبيق معايير السلامة المهنية، ويقتضي رفع مستوى الدور التوعوي والرقابي، حيث لا يعقل أن يتم إيقاف العمل في الموقع من الشركة السودانية للموارد المعدنية عبر إدارة البيئة والسلامة بل وحذرت من الاستمرار في النشاط داخله/ وهناك مواقعا أخرى تم الإعلان عن ايقافها حفاظا على سلامة المواطنيين والمجتمعات المحلية، ثم تقع الكارثة ليستخدمها البعض ويستثمرها آخرون في صراعات الأجندة والمصالح ضد الشركة السودانية للموارد المعدنية ووزارة المعادن / تارة بمثل هذه الحادثة وأخرى بالحديث عن أموال المسؤولية المجتمعية “حصان طروادة ” التي يتم تحويلها بالأرقام إلى (حسابات الولايات) عبر “سستم” الدولة، ثم تزيد عليها كيل بعير بمبادرات مجتمعية وتدخلات إنسانية مثلما حدث من حلول اسعافية لمياه الشرب في القضارف، قوافل الدعم لنهر النيل وكسلا والخرطوم والبحر الأحمر عقب فيضانات الخريف الماضي.. كل ذلك يقدمه الأستاذ محمد طاهر عمر المدير العام للشركة بعيدا عن الأضواء” والشو الإعلامي”، فهو الإبن الشرعي لقطاع التعدين الذي خاض رحلة الكفاح في الفيافي والقفار بين مناجم البطانة وكردفان في بواكير التأسيس.
وحسنا فعلت الدكتورة نوارة ابومحمد عضو المجلس السيادي التي وجهت بمتابعة شاملة لتداعيات حادث منجم “هويد” حيث ينتظر أن ترفع الجهات المختصة تقاريرها الفنية والأمنية لتحدد المسؤوليات وتمنع تكرار حدوثها ومراجعة أوضاع المناجم المهجورة وغير المرخصة.. وهي بدايات موفقة للدكتورة نوارة التي ينتظر منها الكثير في تبني ورعاية هموم وقضايا الولايات الثلاث في التعليم والتنمية، طبعا فضلا عن قضايا الوطن الأخرى / حتى لا يزايد علينا متنطع / واستدرك هنا لصديقي وأستاذي يوسف عبدالمنان الذي كتب في زاويته بصحيفة الكرامة ما معناه: أن موقع الشرق للسيادي شغلته شخصية غير معروفة، وما كنت أعلم أن عبدالمنان الذي أعرفه قبل عقد ونصف من هواة النجومية الزائفة التي صارت متاحة ومبذولة حتى للمتردية و(النطيحة وما أكل السبع) من قونات عهدنا الراهن، فأضيف أن نوارة أبو محمد بافلي تنحدر من أسرة معروفة، وحاصلة على الدكتوراه في الفلسفة في جامعة الخرطوم، وتمثل مجتمع يوقر المرأة ويقدمها للعمل الوطني العام بعد أن صقلت تجربتها في جامعة الأحفاد وجامعة البحر الأحمر، وعدد من المنظمات العاملة في تنمية المجتمع والمرأة، ولم تدفع بها للمنصب قبيلة أوعشيرة بل جاءت عبر مؤتمر خريجي شعب البجا الذي يقوده الدكتور عيسى عاولي، والبجا ليست قبيلة إنما شعوب وثقافات ومجتمعات تأتلف عبر موروثات ممتدة من البحر الأحمر شرقا والنيل غربا بين السودان وإريتريا ومصر ويتميزون بخصوصية ثقافية ومنظومة من القيم والعادات والتقاليد..!
اخيرا ينبغي أن لا يسدل الستار على حادثة منجم الهويد وأن لا يرفع العزاء بانتهاء مراسم الدفن، وأن تشكل آلية مشتركة لتنفيذ الأوامر الإدارية والفنية، وحملات توعوية ضد الاستخدامات السالبة للمواد الضارة المستخدمة في التعدين مثل السيانيد والزئبق ، والأضرار التي تحلق بالقطاع الزراعي والحيواني والاستفادة من أموال المسؤولية المجتمعية في مشروعات تنموية أسوة بما حدث في نهر النيل وسهل البطانة .