الاخبار

ضياء الدين بلال يكتب عن جون قرنق

خرطوم سبورت

 

في مقال مؤثر للكاتب الصحفي ضياء الدين بلال، نُشر مؤخرًا، يستعيد لحظات استثنائية من كواليس مفاوضات نيفاشا في أكتوبر 2003، حيث كان الدكتور جون قرنق، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، يخوض واحدة من أعقد مراحل التفاوض مع النائب الأول آنذاك الأستاذ علي عثمان محمد طه، وسط أجواء سياسية مشحونة وغموض كثيف يُشبه ـ كما وصفه قرنق ـ “سحبًا تحجب رؤية قمة الجبل”.

هواية القائد التي ألقت بظلالها على مصيره
قرنق لم يكن مجرد سياسي بارز، بل كان عاشقًا لتسلّق الجبال. ففي إحدى المقابلات النادرة التي أجراها معه الصحفي مصطفى سري بمدينة رمبيك، صرّح بأن هوايته المفضلة هي تسلق الجبال، مضيفًا أنه كان قد عاد لتوه من جبال الأماتونج لممارستها. المفارقة أن هذه الهواية التي لازمته طوال حياته، كانت شاهدة على رحيله المأساوي، حيث لقي حتفه في حادث تحطم طائرة فوق ذات الجبال.

ما بين الحلم بالقمم وقلق النهايات
يصف ضياء الدين بلال اللحظات الأخيرة في حياة قرنق بأنها كانت مفعمة بالحماس، ولكنها لم تخلُ من القلق. كان قرنق يرى في نفسه مشروعًا لتغيير السودان من جذوره، ولهذا السبب لم يكن يرضى بـ”السفوح”، بل ظل يسعى إلى “أعالي الأشياء”. ومع دخوله إلى الخرطوم، أعاد للسياسة طابع الدهشة والتجديد، قبل أن تعود لغة العنف والموت إلى الواجهة بخروجه المفاجئ.

قرنق… القائد الذي فاجأ الجميع حتى في موته
كان الرجل، كما تقول المقالة، موهوبًا في خلق المفاجآت، بارعًا في اللعب على تناقضات السياسة، ومُخيفًا لأعدائه بقدر ما كان ملهمًا لمؤيديه. نجا من كمائن واغتيالات متعددة، ونجت سيارته من ألغام “أُعدّت له”، لكنه لم ينجُ من قدر الأماتونج. هناك، على إحدى القمم التي أحبها، كانت نهاية مسيرة استثنائية لقائد ترك أكثر من سؤال مفتوح، وأكثر من طريق لم يُكتمل.

عودة الأسئلة… وبقاء الأثر
يختم ضياء الدين مقاله بإشارة ذكية إلى أن موت قرنق لم يغلق القصة، بل فتحها من جديد. فما زالت علامات الاستفهام تلاحق كل لحظة من لحظاته، وكل قرار اتخذه أو لم يتخذه. كان يملك إجابات نموذجية لمفاجآت المرحلة، لكنه رحل قبل أن يقولها كلها، لتبقى النهايات في السودان معلقة… كما كان قرنق دائمًا، معلّقًا بين الأرض والقمم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى