
الصحفي عصام أبومدينة…. يكتب
حين تتحول الشائعات إلى رصاصات في الظهر
في زمن أصبحت فيه الكلمة أسرع من الرصاصة، بات اغتيال الشخصيات أخطر أشكال العنف المعنوي. لم يعد الأمر يحتاج إلى محكمة أو أدلة، بل يكفي منشور على فيسبوك أو مقطع فيديو مُجتزأ ليصبح المرء متهمًا في عيون البعض.
الشائعات بطبيعتها تقوم على معلومات غير مؤكدة، تنتشر بسرعة عبر الألسن ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تُستغل لتشويه صورة الأشخاص أو التأثير على الرأي العام. ومع تسارع تدفق الأخبار، بات من السهل تضخيم حدث عابر أو اجتزاء تصريح وتحويله إلى أداة هجوم ممنهجة. هذه الممارسات لا تقتصر أضرارها على الفرد المستهدف، بل تمتد لتصيب المجتمع برمته، إذ تزرع الشك وتغذي الانقسام وتخلق بيئة يسهل فيها استبدال الحقائق بالانطباعات.
ورغم وجود قوانين تحظر التشهير ونشر الأخبار الكاذبة، فإن سرعة انتشار المحتوى الرقمي تصعّب ملاحقة مصدره أو الحد من تأثيره. من هنا، يصبح الوعي العام هو خط الدفاع الأول، من خلال تحري الدقة، وعدم الانسياق وراء العناوين المثيرة أو إعادة نشر ما لم يتم التحقق من صحته. كما تبرز مسؤولية الصحافة في الالتزام بالمصداقية وعدم التضحية بالحقيقة في سبيل السبق أو الإثارة، إلى جانب وعي الأفراد بأن التعليق أو المشاركة في نشر محتوى مسيء قد يجعلهم شركاء في الظلم.
في النهاية، تبقى الحقيقة ثابتة: اغتيال الشخصيات ليس إلا سلاح الجبناء، أما أصحاب المواقف الحقة فلا تهزهم العواصف، ولا تنال منهم الشائعات.