مقالات

عصام ابومدينة يكتب : إسرائيل الكبرى: بين الأسطورة التاريخية والواقع الجيوسياسي

خرطوم سبورت

عصام ابومدينة يكتب…

إسرائيل الكبرى: بين الأسطورة التاريخية والواقع الجيوسياسي

 

في خضم الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية، يتجدد الحديث عن نفوذ إسرائيل ودورها في إعادة تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي. آخر هذه الصراعات، الحرب الدائرة في السودان، والتي أثارت تساؤلات واسعة حول الأطراف الداعمة وأجنداتها، خاصة في ظل اتهامات بدعم قوى إقليمية لها علاقات وثيقة بإسرائيل.

 

مصطلح “إسرائيل الكبرى” يعود إلى رؤى دينية وسياسية قديمة، يربطها بعض المفكرين اليهود بنصوص توراتية، حيث يُنظر إلى الأراضي من النيل إلى الفرات باعتبارها حدودًا موعودة. عبر التاريخ الحديث، تبنت تيارات سياسية إسرائيلية هذا المفهوم بدرجات متفاوتة، فالبعض يراه هدفًا استراتيجيًا بعيد المدى، فيما يراه آخرون مجرد رمز لهوية قومية.

 

تستثمر إسرائيل في تحالفاتها الإقليمية لتعزيز نفوذها السياسي والأمني، سواء عبر اتفاقيات التطبيع مع بعض الدول العربية أو عبر شراكات أمنية واقتصادية مع دول القرن الأفريقي. هذا التواجد يمنحها نقاط ارتكاز استراتيجية على طرق الملاحة والتجارة، ويعزز قدرتها على التأثير في أزمات المنطقة.

 

يُعدّ القرن الأفريقي منطقة ذات أهمية جيوسياسية استثنائية، حيث تمر عبره أهم الممرات البحرية العالمية. التنافس فيه لا يقتصر على إسرائيل، بل يشمل قوى إقليمية ودولية كبرى. ومع ذلك، فإن انخراط إسرائيل في هذه الساحة يُقرأ ضمن استراتيجيتها الأشمل في تطويق المنطقة العربية من محاور متعددة.

 

رغم أن فكرة “إسرائيل الكبرى” تبقى مثار جدل، إلا أن الواقع السياسي يفرض معادلة أكثر تعقيدًا: إسرائيل تتحرك ضمن حدود مصالحها الأمنية والاقتصادية، مستخدمة أدوات القوة الناعمة والصلبة، بينما تبقى البيئة العربية منقسمة وضعيفة في مواجهة هذا التمدد.

 

إن فهم نفوذ إسرائيل في المنطقة يتطلب قراءة متوازنة تجمع بين البعد التاريخي للرؤية التوسعية، والواقع الجيوسياسي الراهن. وفي ظل غياب مشروع عربي موحّد، ستظل المبادرة في يد القوى الأكثر تنظيمًا واستعدادًا، ما يجعل من الضروري إعادة النظر في السياسات العربية تجاه هذه التحولات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى