مقالات

متى يتحرك السودان ..كهربائياً؟

خرطوم سبورت

متى يتحرك السودان ..كهربائياً؟

عثمان ميرغني

في اليوم الذي احتفلت فيه أثيوبيا، أمس الأول، بافتتاح سدالنهضة ، أعلنت عن خطة استثمارية بقيمة 30 مليار دولار تشمل تشييد مفاعلين نوويين لإنتاج الطاقة النووية بحلول عام 2032، بقدرة إجمالية 2,400 ميجاواط، أي ما يعادل نصف القدرة التصميمية لسد النهضة. كما تشمل الخطة بناء مصفاة نفط وأكبر مطار في إفريقيا.
مجمل الطاقة الكهربائية المنتجة من المفاعلين النوويين تعادل نصف القدرة التصميمية لسد النهضة (البالغة 5,150 ميجاواط). والفكرة هنا تكمن في تنويع مصادر الطاقة الكهربائية، وهو ما تسعى إليه دول كثيرة.
#السعودية ، على سبيل المثال، تنتج حاليًا حوالي 92.9 جيجاواط من الكهرباء. ومع ذلك، تتوسع في إنتاج الطاقة الشمسية التي تبلغ حاليًا حوالي 6.8 جيجاواط، مع مشاريع لرفعها إلى 40 جيجاواط، إضافة إلى 16 جيجاواط من طاقة الرياح بحلول 2030. كما تخطط السعودية لبناء مفاعلين نوويين لإنتاج حوالي 2.9 جيجاواط بحلول 2040، مع إمكانية التوسع مستقبلًا.
تنويع مصادر الطاقة لا يهدف فقط إلى زيادة التوليد، بل إلى توفير بدائل متعددة تضمن الاستدامة والمرونة ضد التقلبات الاقتصادية والبيئية.

في السودان، بدأ التفكير مبكرًا في التوليد النووي، حيث أُنشئت وحدة متخصصة تتبع معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA). وقد قطع السودان شوطًا معتبرًا في برنامجه النووي الذي كان يستهدف إنتاج 1.5 جيجاواط بحلول 2030، لكن الاضطرابات السياسية بعد ثورة ديسمبر 2018 أوقفت هذا المشروع.

الآن، يعاني السودان من عجز كبير في الطاقة الكهربائية، تفاقم بسبب الدمار الذي أحدثته الحرب الأهلية، والتي طالت البنية التحتية لقطاع الكهرباء، بما في ذلك محطات التوليد وشبكات التوزيع، وصولاً إلى نزع الكابلات الكهربائية من الأرض وجدران المباني.
يحتاج السودان ليس فقط إلى استعادة ما خسرته من بنى تحتية ومعدات، بل إلى قفزة سريعة في حجم التوليد، تنوع مصادره، وتوسيع التغطية. لكن هذا الطموح لن يتحقق إلا بإصلاح شامل في هياكل ومفاهيم قطاع الكهرباء.
كتبتُ مرات عديدة داعيًا إلى تحرير قطاع الكهرباء في التوليد، النقل، التوزيع، والتسويق، مع إنشاء المجلس الأعلى للطاقة (أو أي اسم مشابه) لتنظيم وتشريع المنافسة العادلة في الاستثمار. فتح المنافسة للقطاع الخاص السوداني والأجنبي سيسمح بالتوسع في شبكات الكهرباء وفق تنظيمات تضمن استدامة النمو وتجنب الآثار السلبية.

من الحكمة اعتبار الطاقة الكهربائية أحد أهم معايير حقوق الإنسان، حيث يجب أن يحصل عليها كل مواطن بأقل تكلفة. فالكهرباء وسيلة للحياة والعمل، وليست سلعة في حد ذاتها. استقرار إمدادات الكهرباء مؤشر رئيسي لاستقرار الدولة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
(الصورة المرفقة مع وحدة الطاقة النووية بالسودان)

#حديث_المدينة الخميس 11 سبتمبر 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى