عصام ابومدينة يكتب: خطاب البرهان في منبر الدوحة.. سيادةٌ صارمة ودبلوماسيةٌ رصينة
خرطوم سبورت

عصام ابومدينة يكتب: خطاب البرهان في منبر الدوحة.. سيادةٌ صارمة ودبلوماسيةٌ رصينة
خطاب رئيس مجلس السيادة القائد العام القوات المسلحة الفريق الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبدالرحمن في قمة الدوحة لم يكن محض كلمة بروتوكولية عابرة، بل جاء أشبه ببيان مبدئي يترجم رؤية متماسكة لضرورات المرحلة. فقد ألقى كلماته بلهجة تحمل في طياتها وضوحاً يوازي صرامة الموقف، ورصانة تعكس إدراكاً عميقاً لما يتطلبه الظرف العربي والإسلامي من وحدة وتماسك. في لحظة كانت العواصف السياسية تتنازع المنطقة، بدا صوته كنداء لإعادة الاعتبار لمفاهيم السيادة والالتزام بالقانون الدولي، ليس بوصفها شعارات تقليدية، بل باعتبارها أسساً لا غنى عنها لحماية الاستقرار وردع التجاوزات.
لقد اتسم الخطاب بقدرة عالية على الجمع بين المبدأ والمصلحة، وبين الصراحة والاتزان. فهو من جهة أطلق رسالة واضحة إلى العالم بأن أي مساس بسيادة دولة عربية هو عدوان على الكيان العربي برمته، ومن جهة أخرى حافظ على لغة متوازنة تدعو إلى التكاتف دون انزلاق إلى خطاب انفعالي أو حاد. وبذلك ارتقى الخطاب إلى مستوى الرؤية الدبلوماسية التي تحافظ على قوة الحجة بقدر ما تصون هيبة المنبر.
ولعل القيمة الأبرز في كلمة البرهان أنها أعادت السودان إلى قلب المشهد الدبلوماسي العربي، ليس كدولة مثقلة بتحدياتها الداخلية فحسب، بل كفاعل حريص على أن يسهم في صياغة خطاب جماعي يتجاوز ردود الأفعال إلى بلورة موقف استراتيجي جامع. فحضور السودان بهذا الوعي والرصانة يبعث رسالة بأن الانشغال بالداخل لا يلغي المسؤولية تجاه قضايا الأمة، وأن التحديات مهما عظمت لا تمنع من التمسك بالمبادئ الكبرى التي تحفظ للأمة كرامتها وحقوقها.
في نهاية المطاف، جاء خطاب البرهان ليؤكد أن الدبلوماسية ليست مجرد إدارة للأزمات، بل فن صياغة المواقف بما يوازن بين الممكن والواجب، وبين مقتضيات اللحظة وأفق التاريخ. ولعل في هذه البلاغة المضمونة والسبك المتين ما يجعل كلمته علامة فارقة في سجل الخطاب العربي المعاصر.