الاخبار

عصام أبومدينة يكتب: المعلومة الصحفية بين حق الجمهور ومقتضيات الأمن القومي

خرطوم سبورت

عصام أبومدينة يكتب: المعلومة الصحفية بين حق الجمهور ومقتضيات الأمن القومي

 

قد يعتقد البعض أن نشر الصحفيين لتفاصيل تتعلق بأماكن إقامة الشخصيات السياسية أو طبيعة حياتهم اليومية لا يتعدى كونه محاولة لإشباع فضول القارئ أو تجسيداً لحقه في المعرفة. غير أن هذه “التفاصيل البسيطة” كثيراً ما تحمل أبعاداً أعمق، إذ يمكن أن تتحول من مجرد خبر عابر إلى بيانات حساسة قابلة للاستغلال في سياقات أمنية واستخباراتية.

 

فعرض تقرير يوضح برنامجاً يومياً لشخصية بارزة قد يبدو في ظاهره مادة إنسانية أو توثيقاً لحياة خاصة، لكنه في الواقع يمد جهات معينة بمؤشرات دقيقة حول المواقع والأنماط الحياتية، يمكن أن تُبنى عليها خطوات لا يدركها الإنسان العادي.

 

وهنا يبرز التساؤل الجوهري: أين ينتهي حق الجمهور في الاطلاع والمعرفة، وأين يبدأ واجب حماية الأمن القومي؟ المطلوب ليس التعتيم أو التستر على الأخبار العامة، بل إدراك أن الإفراط في كشف بعض التفاصيل قد يفتح الباب أمام استخدامها خارج سياقها المشروع.

 

من هذا المنطلق، تصبح الموازنة بين حرية الصحافة ومسؤولياتها ضرورة ملحة. فالصحافة ليست مجرد ناقل محايد للخبر، بل هي فاعل مؤثر في المجالين الاجتماعي والسياسي، يتحمل تبعات ما ينشر. وإذا غابت هذه الحساسية، فقد تتحول من سلطة رقابية إلى منفذ يهدد الأمن القومي.

 

إن حرية التعبير ستظل قيمة أساسية لا غنى عنها، لكن الحرية لا تنفصل عن المسؤولية. والتحدي الحقيقي يكمن في ممارسة الصحافة بوعي، بما يحمي حق الجمهور في المعرفة دون أن يعرض أمن الوطن والمواطن للخطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى