
عصام أبومدينة يكتب: بيان مجلس السيادة بين حسم الفوضى واستعادة هيبة الدولة
البيان الصادر عن مجلس السيادة الانتقالي في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري والذي نشر على موقع وكالة السودان للانباء والصفحة الرسمية لمجلس السيادة على منصة (اكس) لم يكن مجرد نفيٍ لشائعةٍ تم تداولها عبر وسائط التواصل الاجتماعي حول وجود مفاوضات في واشنطن بين القوات المسلحة والمتمردين، بل جاء إشارةً حازمة إلى أن القرار السوداني لا يُصنع إلا داخل حدوده، وأن زمن الوصاية السياسية قد ولى إلى غير رجعة.
النبرة الهادئة التي اتسم بها البيان حملت في طياتها يقيناً راسخاً بأن الدولة استعادت زمام المبادرة، وأن ما يُحاك في الخارج لن يبدّل من معادلة الداخل التي تصنعها القوات المسلحة بثبات في الميدان. وبينما يتهاوى مشروع التمرد في أكثر من جبهة، تمضي الدولة بخطابٍ وطنيٍّ متماسكٍ يربط السيادة بالميدان، ويجعل من النصر العسكري بوابةً لاستعادة القرار الوطني المستقل.
لقد عبّر البيان بوضوحٍ غير مسبوق عن مفهوم الحل الوطني، لا بوصفه خياراً سياسياً فحسب، بل كهويةٍ جامعة تُعيد رسم ملامح الدولة السودانية الحديثة. فالحرب لم تعد معركة بنادق فحسب، بل صراع وعيٍ وولاءٍ وانتماءٍ بين من يؤمن بدولةٍ قائمة على مؤسساتها، ومن حاول تحويلها إلى غنيمةٍ بيد المليشيا والسلاح.
ومع اتساع رقعة السيطرة الميدانية للقوات المسلحة والتشكيلات المساندة لها في معركة الكرامة، وتراجع المتمردين إلى جيوبٍ معزولة، فإن ترويج إشاعات عن مفاوضات لا يعدو الا أن يكون صوت المهزوم الذي يبحث عن مخرجٍ للموقف الذي وضع نفسه فيه. فالميدان هذه المرة يتحدث بلغةٍ لا تحتمل التأويل: من يحمل راية الدولة ينتصر، ومن يرفع سلاحه ضدها يتلاشى في الهزيمة ولو بعد حين.
إن بيان مجلس السيادة الانتقالي لم يكن مجرد ردٍّ على شائعةٍ عابرة، بل إعلان ميلاد مرحلةٍ جديدة في تاريخ السودان؛ مرحلة تُكتب بإرادة الدولة وسيادتها، بحبر العزم، على أرضٍ تُطهَّر من فوضى العملاء ومن يقاتلون بالوكالة نيابةً عن دويلة الشر وأسيادها.
وأخيراً، من يحاول المزايدة على سيادة السودان، يجد نفسه خارج التاريخ… لا تفاوض
شكراً مجلس السيادة الانتقالي.
 
				 
					 
					 
					







