
نقص الأدوية… أزمة خفية تُهدد حياة مرضى الأمراض المزمنة”
في عالم يزداد فيه الاهتمام بالتطورات الطبية والتقنيات العلاجية، يظل أحد أخطر التهديدات الصحية أكثر بساطة وخفاءً: نقص الأدوية الأساسية. هذه الأزمة لا تصيب الجميع بالتساوي، بل تضرب بقوة في أجساد مرضى الأمراض المزمنة، كضغط الدم، السكري، أمراض القلب، الربو، والصرع، حيث يُشكّل توفر الدواء عنصرًا حاسمًا في البقاء على قيد الحياة واستقرار الحالة.
ما المقصود بنقص الأدوية؟
نقص الأدوية يعني عدم توفر الأدوية الأساسية بانتظام أو بشكل كافٍ في الصيدليات أو المستشفيات، بسبب مشاكل في:
• الإنتاج أو الاستيراد (بسبب الأزمات الاقتصادية أو الحروب).
• سلاسل الإمداد والتوزيع.
• الاحتكار أو التهريب.
• أو نتيجة قرارات تنظيمية أو سياسية تؤخر أو تمنع دخول أدوية معينة.
تأثير نقص الأدوية على المرضى المزمنين
1. فقدان السيطرة على المرض
• مرضى السكري من النوع الثاني مثلًا، قد يواجهون ارتفاعات خطيرة في مستويات السكر عند غياب أدويتهم الأساسية، مما يؤدي إلى مضاعفات فورية مثل الحماض الكيتوني أو فشل كلوي.
• مرضى الضغط، عند التوقف المفاجئ عن العلاج، معرضون لـالسكتات الدماغية أو الأزمات القلبية.
2. تدهور تدريجي للحالة الصحية
• في حال توفر بدائل غير مناسبة أو ضعف جودة الدواء، يعاني المريض من تدهور بطيء وغير ملحوظ يؤدي في النهاية إلى تلف أعضاء حيوية.
3. زيادة الاعتماد على الطوارئ
• عدم توفر العلاج الوقائي المنتظم يُدخل المرضى في دوامة من الدخول المتكرر للمستشفيات، مما يثقل كاهل الأنظمة الصحية المنهكة أصلاً.
الآثار النفسية والاجتماعية
• يعيش المرضى قلقًا يوميًا بسبب عدم ضمان توفر أدويتهم الشهرية.
• البعض يضطر إلى تقسيم الجرعات أو تأجيلها لإطالة أمد الدواء.
• آخرون يعتمدون على السوق السوداء، حيث الأسعار باهظة والجودة مشكوك فيها.
• تُضعف هذه الأزمة الثقة بين المرضى والمؤسسات الصحية، ما يدفع البعض إلى التداوي الذاتي أو الإحباط وترك العلاج تمامًا.
أمثلة واقعية
في عدة بلدان متأثرة بالحروب أو الأزمات الاقتصادية، يعاني آلاف المرضى من نقص أدوية أساسية مثل:
• الأنسولين.
• أدوية الضغط والقلب (مثل أملوديبين، وإنالابريل).
• أدوية الغدة الدرقية.
• مضادات التجلط.
• أدوية الصرع والربو.
ما الحل؟
على المدى القصير:
• تفعيل صناديق الطوارئ لتوفير الأدوية الأساسية.
• التعاون مع المنظمات الدولية لتأمين الإمدادات.
• دعم الصناعة المحلية إن وجدت، وتسهيل الاستيراد المؤقت.
على المدى الطويل:
• بناء نظام دوائي مستقر وآمن لا يعتمد كليًا على الاستيراد.
• دعم التصنيع المحلي للأدوية المزمنة.
• تحديث سياسات التخزين والتوزيع لمنع الاحتكار والانقطاع