
.
الفصل بين “الحكومة” و”مجلس الوزراء”
عثمان ميرغني
خلال فترة نظام الإنقاذ، شاركت في ثلاث جلسات لمجلس الوزراء: جلستان برئاسة رئيس الوزراء معتز موسى، وجلسة واحدة برئاسة الفريق أول بكري حسن صالح عندما كان رئيسًا للوزراء. هذه التجربة سمحت لي برؤية كيف تُدار أعلى هيئة تنفيذية في البلاد من الداخل.
اجتماعات مجلس الوزراء، التي تتصدر نشرات الأخبار الرسمية في مساء اليوم، هي المكان الذي تُبت فيه القضايا القومية المهمة وتُصدر القرارات العليا التي تمثل الحكومة والدولة. لكن ما لفت انتباهي خلال تلك الاجتماعات هو أن غالبية الوزراء كانوا لا يشاركون إطلاقًا في النقاش عند طرح الأجندة. يكتفون بالنظر إلى المتحدثين، وإذا استدعى الأمر اتخاذ قرار بالتصويت، يرفعون أيديهم حسب التعليمات.
لم يكن واضحًا ما إذا كانوا يدركون المواضيع المطروحة للنقاش، أو ربما لا تهمهم بسبب عدم التخصص أو الإلمام بتفاصيلها. بل إنني رأيت بعضهم منشغلًا بهاتفه المحمول. وعند حلول موعد صلاة الظهر، يغادر بعض الوزراء ولا يعودون إلا بعد مضي ما يقرب من ساعة.
إن بناء الدولة السودانية الحديثة يتطلب إعادة هيكلة هذه الهيئة التنفيذية الأعلى في البلاد من خلال الفصل بين “الحكومة” (Cabinet) و”مجلس الوزراء”.
مجلس الوزراء: هو الاجتماع الذي يُدعى له جميع الوزراء دون استثناء، ويُحدد له أجندة غالبًا ما تكون ذات طابع روتيني.
الحكومة: هي الهيئة التنفيذية الأعلى التي تنظر في القضايا القومية الحساسة، مثل القرارات المتعلقة بالأمن القومي.
تتكون الحكومة من أعضاء أساسيين يضمنون تركيزًا عاليًا على القضايا الحيوية، وهم:
• رئيس الوزراء
• وزير الخارجية
• وزير الداخلية
• وزير العدل
• وزير المالية
• مدير جهاز المخابرات العامة
• مستشار الأمن القومي
إن صغر حجم “الحكومة” يتيح مرونة أكبر في عقد الاجتماعات وزيادة التركيز على الأجندة المطروحة. يمكن للحكومة أن تجتمع دوريًا، أسبوعيًا مثلًا، بينما يُفضل أن تكون اجتماعات مجلس الوزراء شهرية، مما يتيح للوزراء التفرغ لمهامهم الوزارية بدلاً من استهلاك وقتهم وجهدهم في اجتماعات أسبوعية مطولة.
من الحكمة تطوير أجهزة ومؤسسات الدولة السودانية لمواكبة متطلبات العصر، ولتعزيز قدرة الدولة على النمو وتعويض الفشل الذي أثقل كاهلها لأكثر من سبعين عامًا.
#حديث_المدينة الثلاثاء 15 يوليو 2025