
سلسلة “الحرب إن لم تقتلك تقويك”
كتب/ عبدالرحمن سورتود
…………………………….
لنفترض أننا طرحنا سؤالا لطلاب المستوى الاول في كلية العلوم السياسية ، طلبنا منهم كتابة ” ورقة ” عن ما غيرته الحرب في المواطن السوداني ؟ !
دعوني – قبل عرض نماذج من إجاباتهم المتوقعة – ان أسلك طريقة المحامين في مرافعاتهم بالبدء بأخذ القضية من حيث الشكل قبل المضمون !
فمن حيث الشكل ، لا أظن أن طالباً كان سيحُك برأسه لاستدرار معلومة من ذاكرته، أو كان سيرفع رأسه من دفتر إجابته من كثرة توارد المعلومات عليه وخشية أن لا يسعفه الزمن في كتابتها !.
فالكل كان سيكتفي بما حصل في خاصة نفسه من تغيير من هذه الحرب مستغنياً عن أي مراجع خارجية أو مصادر أو مذكرات ، أو ” غش ” لنقول !.
هذا من حيث الشكل، ورغم أنه كان سيكفيني مؤونة سرد المضمون ، إلا أن شروط الموضوع وعنوانه يُلزماني بالسرد ، فهل أبدأ بالتغيير في المواطن السوداني فيما يلي مفهوم الوطن ؟! أو أبدأ بما يلي قيمة الارض ، أو بما يلي الدين وأخلاق الناس ، او ما يلي مفهوم الاقتصاد المنزلي والادخار . أو بما يلي الخ والخ…
أنا سأكتفي بالتغيير الاعلى والاهم ، والمتسق مع موضوع “الدبلوم”، وهو التغيير الذي حصل في ” الحس الامني ” لدي المواطن ، فقد تغير المواطن السوداني تغييراً جذريا فيما يتعلق بالامن .. من التهاون والتبلد الخامل الذي كان ” يرتع ” فيه قبل الحرب غافلاً عن كل ما كان يجري حوله ، ساهياً لاهياً متهاونا ، تغيَّر من هذا التبلد الى الحساسية الامنية المتوجسة وربما المفرطة بعد الحرب ، فهذا التغيير الذي عجزت عن إحداثه الاحزاب الوطنية والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني خلال عقود ، بل عجزت عن إحداثه مناهج التربية الوطنية في نظمنا التعليمية المتعاقبة ، أحدثته هذه الحرب “بالضربة القاضية ” حقيقة ومجازاً !
– التغيير الثاني هو ” الوطن ” وقيمته عند المواطن السوداني ، وان الوطن ليس الحدود المرسومة فحسب كما كنا نظن ، ولا كاودا وحلايب وشلاتين وحسب ، ولا العلم وأناشيده فحسب ، ولا كل هذه الرتوش .. انما الوطن هو ” الحياة ” على هذه الارض ، فمن فقد وطنه فقد فقد الحياة ، قولاً واحداً ،،،! وكفى بها من قيمة وتغيير !
أما أنا عن نفسي لو كنت ضمن طلبة المستوى الاول وسُئلت بهكذا سؤال ، كنت سأكتب سطراً واحداً ولن أزيد :
إن هذه الحرب قد غيرت فيَّ كل شيء ، فبعد هذه الحرب لست أنا الذي كنته قبلها ، في كل شيء – نعم في كل شيء – وبهذا الإطلاق الجارف !.
واظن أني سأجد أمة من الناس سيحتشدون معي في هذا ! .
وفيه تفصيل يتبع ،،،
وسورتود يحييكم ،،،،،