
يوميات رحال
عبدالمنعم شجرابي
*** كان اليوم أربعاء لكنها لم تكن ( عقاب شهر ) .. الكهرباء قاطعة .. والواطة مولعة .. والشمس ( الموقدة نار ) ترمي الطيرة من الشجرة .. وأنا جاهز للخروج لعملي رن جرس التلفون ( الأرضي ) وكان محدثي رئيس القسم الرياضي أستاذي وصديقي العزيز حسن عزالدين ( طيب الله ثراه ) وبعد التحيات الزاكيات الطيبات وبنبرة حزينة أخبرني أن الجماعة استغنوا عني وتم فصلي من الجريدة وهو يجتهد في مواساتي والشفقة على مستقبلي العملي طمنته قائلاً يا زول أنا عطبراوي عامل ود عامل شديد ونصيح وشفت ومقّرم وواقع من السماء أنسى الموضوع ده أنساه …
وحقيقة ( بلعت ) أمر فصلي والآلاف المؤلفة تم فصلها (و الانقاذ حارة) والشعار غير المكتوب والمعمول به ( الما معانا ضدنا ).
*** دقائق قليلة وسبقت قدماي تفكيري وخرجت واشتريت علامة ( نقل طارئ ) ووضعتها على سطح سيارتي ونزلت الشارع ( بتنك مليان ) حظيت به وأنا ساهر ومسهد عبر صف طويل ( بطلمبة بري )
*** كان مشواري الأول وبالصدفة لمستشفى الشرطة وأنا انتظر زبوني حسب الاتفاق معه مر علي عدة أشخاص يطلبون المشاوير فقررت أن يكون المكان مقّري الدائم لاكتشف أنني لست وحدي فعدد من السيارات هذا مقرها أصحابها ضباط معاش وأساتذة جامعات وموظفون بدرجات عليا ( الجا من الجريف والجا من الجبل ) جميعهم طالهم ( الطالح العام ) أو الصالح العام كما سماه أهله وهم يقلبون عمداً أو سهواً ( الصاد طاء ) فكانت سيارات هؤلاء الرجال الوسيلة ل( سبل كسب العيش في السودان ) وستر الحال ( وقفة الملاح ) فجمعنا العمل الشريف تزاملنا وتصادقنا .. استلفنا حفنة جنيهات من بعضنا وتبادلنا العفريتة ومفتاح العجل ( وحلبنا البنزين ) من عربة لعربة بالوصلة والجالون الحايم بيننا .. وضربنا جماعة صحن الفول المدنكل وتسابقنا في السداد للمرأة الفضلى ( رباية اليتامى ) خديجة ست الشاي.
*** بكل فخر فتجربتي (نقل طارئ) اضافت لي الكثير وقد تعاملت فيها مع شرائح مجتمعيه مختلفه بعضهم (مزاجه رايق) والبعض الآخر (كاتمه معاه) فكانت يومياتي متقلبة فيها الابتسامة والتكشيره والدمعة والجمال و(القيمة المضافة).
*** الصدفة وأجمل صدفة جمعتني وسط القاهرة بشخينا وإمامنا وناظرنا وعمدتنا وكابتننا وقائدنا في النقل الطارئ العميد أحمد الطيب (والطيب جداً) واستحلفني العودة للكتابة كما كنت أكتب (عن بعد) تحت عنوان (يوميات رحال) بمقالات أوقفها بعد عودتي للعمل العمود اليومي ( أضرب وأهرب ) وعدت الرجل بالعودة إكراماً له وبمزاج العودة لزمن (ما هبشه) الزهايمر وبقى بعيد عن الزهمرة التي حدثت
*** ختاماً الصحافة التي فصلت منها مرتين وتبوأت فيها رئاسة تحرير أكثر من صحيفة كانت وستظل عشقي
.. والنقل الطارئ والذي حمل من بعد اسم ( ترحال ) ظل ملجأي وملاذي
*** في الصحافة كان ( مقعدي ) وبالنقل الطارئ كان ( موعدي ).
وان شاء الله نواصل