الاخبار

عصام أبومدينة يكتب: حين يكرّم الطلاب معلمهم: باقة وفاء من طلاب أبو ذر الكودة للأستاذ فتحي النور أبوتمة

خرطوم سبورت

 

عصام أبومدينة يكتب: حين يكرّم الطلاب معلمهم: باقة وفاء من طلاب أبو ذر الكودة للأستاذ فتحي النور أبوتمة

ليس كل معلمٍ عابراً في الذاكرة، فبعضهم يتحول إلى معنى، وإلى قيمة، وإلى وطنٍ صغير يُقام في القلوب قبل الفصول. والأستاذ فتحي النور أبو تمه واحد من أولئك الذين لا يُقاس حضورهم بعدد السنوات، بل بعمق الأثر واتساع الرسالة.
منذ أن عرفه طلابه، ظل نموذجاً للمعلم الذي يجمع بين المحبة والحزم، وبين القرب والهيبة. علاقة متوازنة، قوامها الاحترام المتبادل، فلا إفراط في اللين، ولا قسوة تُطفئ الشغف. يحبه طلابه ويحبهم، يقدّرهم ويؤمن بقدراتهم، وفي الوقت ذاته يرسّخ فيهم الانضباط والمسؤولية، فيهابونه تقديراً لا خوفاً.

في ميدان العلم، يبرز الأستاذ فتحي النور كأحد أعمدة تدريس مادة الكيمياء على مستوى ولاية غرب كردفان، وموجّهها بمحلية النهود. يتميز بحضور ذهني لافت، وثقة راسخة في معرفته، حتى إنه يدخل الفصل مستنداً إلى فهم عميق للمادة وقدرة نادرة على تبسيط أعقد المفاهيم. لذلك لم يكن تفوق طلابه محض صدفة، بل نتيجة طبيعية لطريقة تدريس تقوم على الفهم لا الحفظ، وعلى الإقناع لا التلقين.

غير أن قيمة الأستاذ فتحي النور لا تتجلى في قاعة الدرس وحدها، بل في إنسانيته العالية، وفي طريقته الراقية في التعامل مع طلابه. وقد ظهر ذلك في مقطع متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، التُقط بعدسة احد طلاب مدرسة د. ابوذر الكودة بالقاهرة – اذ استقر به المقام بعد سقوط مدينة النهود العاصمة الادارية لولاية غرب كردفان – وهناك ظهر احد طلابه ليقدم باقة ورد للاستاذ فتحي النور اثناء الدرس ليعقب ذلك تصفيق عميق من زملائه. مشهد بسيط في ظاهره، عميق في دلالاته؛ يختصر علاقة نادرة بين معلم وتلاميذه، علاقة عنوانها الوفاء والامتنان والاحترام.

الأستاذ فتحي النور أبو تمه ليس مجرد اسم في سجل التعليم، بل حالة تربوية متكاملة، ورمز لمعنى أن يكون التعليم رسالة لا وظيفة، وشغفاً لا واجباً. هو من أولئك الذين إن غابوا عن المكان، ظلوا حاضرين في الذاكرة، وإن ابتعدوا عن الوطن، ظل الوطن مقيماً فيهم.
فبأمثاله… تُبنى الأوطان،
وبغيابهم ندرك كم كان حضورهم عظيماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى