الاخبار

عباسه مصطفى حسين تكتب : الخرطوم تولد من جديد

خرطوم سبورت

الخرطوم تولد من جديد

 

_عباسه مصطفى حسين_

 

سوبا إحدى عواصم السودان القديم التي لحقها الخراب عن آخرها فكانت عجوبة التي خربت سوبا مضربا للمثل .. وحدثنا الشيخ فرح ود تكتكوك عن الخرطوم وتنبأ لها بالغرق او الحريق بعد عمارها ووصولها تخوم سوبا فقال الخرتوم تعمر لي سوبا وتعدم الطوبة…وقد حدث ما حدث .

 

بدأت الحرب تضع بعض أوزارها وتطلع الناس لإعادة إعمار الخرطوم وتعميرها من جديد على نسق جديد .. حالة الإغتراب واللجوء والهجرة الإجبارية فرضت على الناس التجول والتنقل في عدد من دول الجوار وشكل ذلك التجوال معارف وسلوك جديد وثقافات متنوعه في إتجاهات عديدة.

لم يعد السكن في العمارات السامقة مخيفا ولم يعد المصعد الكهربائي بعبعا كما ان البانيو والسلالم المتحركة ومترو الانفاق ما عاد مستغربا ..وعرف أغلب الناس أن الدوام المعتاد للعمل اليومي ١٢ ساعة بلا توقف .. تعودوا أيضا على الإفطار المبكر قبل الذهاب لأشغالهم .. كما عرف الكل قيمة الوقت والمال والأمن والأمان وقيمة الوطن والسكن وقوة الإتحاد والتضامن ..

ومن هنا بات في الحكم المؤكد ان الخرطوم لن تعود كما كانت…دولة وشعبا … ستلقي سنوات الشتات العجاف ببذور التطور والحداثة على إدارة الدولة وسلوك المواطن…لا أعتقد أن شارع النيل سيظل كما هو مقرا للوزارات الحكومية ولا أظن أن البيوت القديمة سيعاد بناؤها على الطراز السابق ..وأن الطرق المستفلتة ستظل بذات الضيق الذي يسمح لسيارتين فقط بالمرور ذهابا وعودة ولن تكون الأسواق كما هي بعدما عرف الناس التسوق في المولات الفخمة الكبيرة …سكك حديد السودان ستنتقل إلى التحرك بسرعة أكبر وقطارات أكثر فخامة وراحة فوق الأرض وتحت الأرض..مطارات البلاد ستغير جلدها وتتسع صالاتها ومدرجاتها بما يستوعب الأفكار الجديدة والرؤي المكتسبة .. المدارس والمستشفيات والمباني الخدمية العامة سترتقي شكلا ومضمونا لتواكب العالم الجديد.

الملاهي والمنتجعات السياحية تزين جانبي النيل…والنيلين من الجهتين ..العاصمة الإدارية والقيادة العامة وغيرها من المؤسسات العامة لن تحتل قلب الخرطوم .

وسنرى كباري بلا بحر تفسح المجال أمام حركة مرورية مريحة وسلسة بلا زحام.

المناطق الصناعية تغادر مكانها في بحري والخرطوم وأم درمان وتقوم مكانها أبراج الحياة والأمل والمستقبل ونرى مصانع بمواصفات عالمية من أماكن الإنتاج الزراعي والحيواني .

 

الحرب رغم فظاعتها وقسوتها وخرابها تتيح فرصة نادرة لإحداث التغيير الجذري نحو الأفضل .. بحيث لا تعود الخرطوم لما كانت عليه قبل الحرب بل تولد من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى