
خيارات الإسلاميين في السودان
عثمان ميرغني
أصدرت المجموعة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، السعودية، والإمارات، بيانًا حملت فيه الحركة الإسلامية مسؤولية إطالة أمد الحرب في السودان، واستبعدت مشاركتها في المرحلة الانتقالية المقبلة.
وردت في الفقرة الرابعة من البيان النقاط التالية:
1 مستقبل الحكم في السودان متروك للشعب السوداني ليقرره عبر عملية انتقالية شاملة وشفافة، بعيدة عن سيطرة أي طرف متحارب.
2 دعوة إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر كمرحلة أولية، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، تمهيدًا لوقف دائم لإطلاق النار.
3 إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُختتم خلال تسعة أشهر، لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو حكومة مدنية مستقلة تتمتع بشرعية واسعة ومساءلة، وهو أمر حيوي لاستقرار السودان طويل الأمد والحفاظ على مؤسسات الدولة.
4 عدم السماح لجماعات متطرفة عنيفة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين أو تابعة لها بوضوح بفرض رؤيتها على مستقبل السودان، حيث أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
جميع هذه النقاط موضوعية، باستثناء البند المتعلق بالهدنة الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر، والذي يبدو غير عملي. تنفيذ هدنة في ظل اتساع رقعة العمليات العسكرية، التي تمتد لمساحات شاسعة تعادل غرب أوروبا، يُعد أمرًا صعبًا، إذ قد تكون الهدنة هشة وقابلة للانتهاك، مما يعيق إيصال المساعدات الإنسانية. الأنسب هو استبدال هذا البند بدعوة إلى “إنهاء الحرب” من خلال اتفاق سلام شامل يوقف النزاع بشكل نهائي ودائم، مع اتخاذ إجراءات عملية لتحقيق ذلك.
البند الرابع، وهو الأكثر حساسية، ينص على أن “الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين لا يمكن أن تُملي مستقبل السودان”. هذا البند يعكس هواجس دول إقليمية ودولية ترى في تمدد نفوذ الإسلاميين خطرًا أمنيًا يتجاوز حدود السودان، استنادًا إلى تجارب سابقة في عهد نظام الإنقاذ. من الحكمة التعامل مع هذه الهواجس بجدية وشفافية، دون اعتبارها مساسًا بالسيادة الوطنية أو تدخلاً في الشأن الداخلي، لأن الحرب في السودان خلقت واقعًا معقدًا يتشابك فيه الأمن الإقليمي والدولي مع السيادة السودانية.
لا يمكن إنكار أن الإسلاميين يسيطرون فعليًا على مفاصل الدولة والقرار السياسي. لذا، يتطلب الوضع معالجة تضمن استقلالية مؤسسات الدولة عن أجنداتهم وتأثيرهم، بحيث تصبح قومية وغير محتكرة لخدمة فئة معينة. الإنكار لن يحل هذه العقدة. على الإسلاميين التعامل مع المطالب الإقليمية والدولية عبر الخطوات التالية:
1 فك الارتباط بمؤسسات الدولة، لتمكينها من أداء مهامها بشكل محايد ومهني.
2 وقف أي تواصل خارجي، خاصة مع أطراف مثل إيران، قد يثير مخاوف دول أخرى ويعرض السودان لمواجهات غير ضرورية.
3 ضبط الخطاب العام وتجنب نبرة الإقصاء تجاه القوى السياسية الأخرى.
4 المشاركة في الحوار الوطني من منصة قومية، مع تغيير المنهج السياسي الذي يتجاهل ثورة ديسمبر أو يعتبرها خطأ تاريخيًا يجب تصحيحه.
#حديث_المدينة الثلاثاء 14 سبتمبر 2025