
ْ *أضرب وأهرب*
هاشم ود آمنة
*** جاءت القرنتية إلى شاطئ أبوروف ( طاشة ) لا أحد يعرف من أين جاءت وإلى أين هي ذاهبة وفي دقائق معدودة كانت كتل من البشر تراقب وأخرى تطارد وثالثة نجحت في صيدها وذبحها وتحويلها إلى ( أكوام لحم ) سريعاً ما اشعلت له النيران وفاحت منه ( ريحة الشية ) وشبع الناس والكل يتلذذ ويسجل في تاريخه أنه أكل لحم قرنتية .. ليخرج العالِم البروف محمد عبدالله الريح بمقال استنكار عنيف ملخصه أن القرنتية كان من الممكن صيدها وبيعها لأي حديقة حيوان واختتم بسخريته المعهودة .. أمدرمان ( اتعشت باتنين مليون دولار )
*** ما كان البروف ودالريح وحده من هزه المشهد فأجاد الشاعر هاشم صديق بقصيدة القرنتية التي كانت وكأنها ( مقررة ) على كل المراحل الدراسية والكل عن ظهر قلب يحفظها والشارع يرددها
*** قصيدة القرنتية تحولت من المنتديات الثقافية حيث نشرتها صحيفة المشاهد ترحيباً بشاعرها الذي تعاقدت معه فكان جزاء الصحيفة الايقاف لمدة يومين مع عقوبة غير معلنة بحضور الشاعر ورئيس التحرير لمكاتب الأمن صباحاً والانصراف مساء لمدة أسبوع ( للمساءلة ) دون مساءلة
*** أستاذ هاشم كان يحضر إلى المشاهد كل سبت لتحرير صفحته الأسبوعية من الأحد إلى الأحد مزينة بأبيات أو قصيدة جديدة ويتابع بدقة عالية التدقيق على الصفحة .. بالنقطة .. والشولة .. والشدة .. وسطر سطر .. وفقرة فقرة ( وجنو وجن الأخطاء المطبعية )
*** جاء يوماً مبكراً على غير العادة وقفل علينا باب المكتب وقال أنا عاوز أنشر قصيدتي ( صالح عام ) بس خايف عليك وعلى الجريدة .. وأنا أعرف خطورة محتوى القصيدة على النظام والأداء الحكومي قلت جاداً معاك تب وسجن سجن غرامة غرامة
وبالفعل وبعد التحوطات اللازمة من الرقابة القبلية تم النشر لأجد ( المواتر ) صباحاً في انتظاري وعند الوصول لمكاتب الأمن كان هاشم صديق هناك يفصلنا ( حائط زجاجي ) أراه ويراني ولا أسمعه ولا يسمعني ليتم ( تدويرنا كالعادة ) بطلب الحضور قبل شروق الشمس والانصراف بعد الغروب لأسبوعين .. والأخطر حدد لي تاريخ المثول أمام لجنة الشكاوي بمجلس الصحافة حسب لجنة الرصد مع قرار منتظر بسحب ترخيص الصحيفة كافح صديقي ابن عطبرة وامبكول عمر محمد الحسن الرفاعي ( كاهن ) من موقعه لإلغائه مع جهود أخرى من الدكتور محي الدين تيتاوي عضو المجلس ورئيس اتحاد الصحافيين وخصمي في ( المزاج السياسي ) ورفيقي وصديقي في الهلال له ولعمر كاهن الرحمة والمغفرة نجحا في تخفيف العقوبة إلى الايقاف لمدة أسبوع مع الإنذار النهائي
*** هاشم صديق .. مبدع .. مصادم .. متفاني .. ود بلد .. أغبش .. مكندك بتراب الوطن .. ممسح بالوطنية .. ومن الغبش وإليهم ..
*** هاشم ود آمنة بت محمد طاهر ود أبوسوار في ذكرى رحيلك
لك الرحمة والمغفرة وجنات تجري من تحتها الأنهار
عبدالمنعم شجرابي ..









