
ياسر عائس يكتب : ٥٦…وغسل الجريمة!!
يقترب عدد النازحين الفارين من مذابح الفاشر وبارا والمزروب من سبعين ألفاً وصلوا الولاية الشمالية واستقروا بمعسكر الإيواء الذي بذل فيه إبن العفاض أزهري المبارك جهدا مقدراً إلى جانب السلطات الرسمية وبعض الخيرين في الدبة… وقد خفّ قائد القوات المسلحة ورمز السيادة لزيارتهم وتأكيد التضمان معهم و حرص الدولة في أعلى مؤسساتها على حمايتهم بعد حصار طويل وتجويع مقصود استمر لسنوات ، فضلا عن إبادة جماعية وتطهير عرقي مارسته الملي شيا المتمردة في أبشع صور الترويع والوحشية وتحدي العالم والمنظمات الدولية التي لا زالت تمارس الصمت والفرجة على الإنتهاكات وجرائم الحرب.
تاجرت معظم الحركات المتمردة بدماء قبائل دارفور ورفعتها مثل قميص عثمان لتحقيق مكاسب خاصة ، وتسعير الأرض تحت اقدام البسطاء وتحويل حياتهم إلى دوامة من الدماء والدموع لإستغلال مفردات الهامش والمركز وتعبئة الصدور تجاه الشمال والوسط وتغذية الكراهية بخطاب سمج ومفردات موغلة في العنصرية لتفتيت اللُحمة الوطنية ، ودق اسفين بين مكوناته المجتمعية بطريقة فَرِق تسُد لأجل الإستئثار بالمغانم والتكسب من الحروب والمتاجرة الرخيص بأرواح الأبرياء ، وذلك بتحويل كل دارفور وبعض كردفان لمسرح عريض للعمالة ، وفتح أبوابها أمام الطامعين في ثرواتها ونهب خيراتها.
تأسس خطاب الملي شيا المتمردة وحركات الطاهر حجر والهادي إدريس وعبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو وسليمان صندل على خطاب موغل في الحقد على الشمال والوسط بذريعة الهامش والمركز… بينما لم تسكت أصوات المدافع وروائح البارد و يتوقف سيل الدماء والدموع والمذابح منذ أن تفجر الصراع في دارفور قبل ربع قرن تقريباً.
لكن أسرة دقلو أتت بما لم يأت به الأوائل ، فقد إلتزمت ثورة خليل ابراهيم بأخلاق الحرب عندما قررت غزو المركز لرفض ما وصفته المظالم التأريخية والتهميش… ولكنها لم تنتهك حرمات المنازل والحرائر ، ولا طالت أملاك ومقتنيات المواطنين ولا هدمت البيوت واحتلت الأعيان المدنية ولا حطمت مؤسسات الدولة ونهبتها وإتجهت بها لحواضنها كغنائم حرب ، أو باعتها مع النساء في أسواق دارفور وخارج السودان مثلما فعلت الملي شيا عندما نكّلت بالمواطنين في الخرطوم والجزيرة وسنار وكردفان والنيل الأبيض.
رسمت الملي شيا أسوأ صورة في العهد الحديث للحركات التي تدعي النضال لإنتزاع الحقوق كما تزعم ، بدليل أن المواطنين يفرون من أي موقع يدخله مرتزقتها، ويهربون ناحية الجيش والقوات المسلحة بحثاً عن الأمن والأمان.
إرتكبت الملي شيا إبادة جماعية بحق المساليت ، وقتلت وسحلت الوالي الشهيد خميس ابكر الذي وقّع معها على إتفاقية سلام جوبا…
يركز منفستو آل دقلو على تطهير دارفور وكردفان من الزرقة أصحاب الحواكير التأريخية والممالك والنظارات والإمارات لإستبدالهم بعرب الشتات ، وتطلق عليهم أبشع واقبح النعوت ولا تتورع عن توثيق ذلك وإعلانه عبر أبواقها.
تتوعد الظواهر الصوتية التابعة للملي شيا نساء الشمال وإنسانه بالويل والثبور في محاولة سمجة لتحميله وزر الإخفاقات السياسية على مر التأريخ منذ الإستقلال .
كانت الفزاعة السابقة لتبرير التمرد والحرب على الإنقاذ التي ذهبت عنها السلطة منذ ستة أعوام ونيف ، فهل سكتت البنادق والراجمات وصمت السلاح في دارفور بذهاب حكم البشير؟؟ … الصحيح انه زاد ويتأكد بذلك أن القتل والمذابح والطمع هى غريزة لتحقيق المكاسب وليست مطالب لتحقيق العدل وتوزيع الثروة والسلطة.
الشمال المفتري عليه بات هو الملجأ الآمن والحصن الدافئ لأهلنا من دارفور الفارين من مذابح المليشيا ومن عاونها من أحزاب الفكة ، و التي لم يشفع لهم رابط الدم والمصاهرة والمساكنة والجوار وتقاسم الماء والكلاء والنار ، وقد بطشت آلة النار بأصابع مرتجفة تتلقى أوامرها من وراء البحار كجريمة عابرة للحدود تستهدف كل مكونات انسان دارفور ممن خالف عصابة دقلو وتوجهاتها.
ما قامت به الشمالية والدبة والعفاض ليس إمتناناً على أهل دارفور بل واجب مستحق وسداد لديون وتأكيد على وحدة المصير والهدف وروابط الدين والدم.
الحركات التي ترفع الشعارات الزائفة الكذوبة تفضحها الجرائم البشعة ، فأسرة دقلو مجرد بندقية مستأجرة لأداء دور وظيفي محدد هو إبادة السكان لتحقيق التحول الديمغرافي وتسليم دارفور للمستعمرين الجدد بما فيها من ثروات فوق الأرض وتحت بإطنها .
حاصرتهم الملي شيا وجوعتهم ومنعت عنهم كل مقومات الحياة وسامتهم سوء العذب فمن لم يمت بالدانات والراجمات والقصف العنيف بالمسيرات لاحقته بالذبح والحرق.. صمدوا طوال عامين وأكثر ، فعاقبتهم على الثبات الأسطوري والصمود الإعجازي بالقتل على الهوية وحرق الجثث لإخفاء الجريمة وطمس الأدلة وغسل المسرح…
حركات تسرق لسان إنسان دارفور ثم ترتكب بحقه أبشع المذابح وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية… فلا يجد إلا الشمال المفترى عليه ملاذاً وحضناً وأمناً وطمأنينة.









