
“بين النزوح والعدوى: النظافة الشخصية كخط دفاع مفقود”
تُعدّ النظافة الشخصية أحد أهم أركان الصحة العامة، وتشكل خط الدفاع الأول في الوقاية من العدوى وانتقال الأمراض. ومع ذلك، فإن هذا الخط الدفاعي غالبًا ما ينهار في مناطق النزوح الناتجة عن الحروب والكوارث، حيث تتدهور البنية التحتية الصحية، وتغيب خدمات المياه والصرف الصحي، وتصبح أدوات النظافة الأساسية شئً نادرًا. في هذه البيئات الهشة، تظهر آثار غياب النظافة بشكل واضح على المستويين الفردي والمجتمعي، وتتفاقم المخاطر الصحية بشكل يهدد الحياة.
النزوح وتحديات النظافة الشخصية
النازحون – سواء كانوا في مخيمات رسمية أو مساكن مؤقتة – يواجهون تحديات معقدة تتعلق بالحصول على مياه نظيفة، والصابون، ووسائل الغسيل الشخصي. وتشمل أبرز التحديات ما يلي:
• ندرة المياه الصالحة للاستخدام الشخصي.
• ضعف شبكات الصرف الصحي أو انعدامها.
• اكتظاظ سكاني في مساحات ضيقة تعيق الخصوصية والنظافة.
• نقص التوعية الصحية أو صعوبة الوصول إلى المعلومات.
هذه العوامل مجتمعة تخلق بيئة مثالية لانتشار مسببات الأمراض، وتُضعف قدرة الجهاز المناعي في مواجهة العدوى المتكررة.
الأمراض المرتبطة بضعف النظافة الشخصية في مناطق النزاع
1. أمراض الجلد:
• الجرب، القمل، الفطريات الجلدية تنتشر بشكل واسع بسبب التلامس المباشر ومشاركة الأدوات.
2. الأمراض المعوية:
• الكوليرا، الزحار، الإسهال الحاد تنجم عن تلوث اليدين أثناء تحضير الطعام أو عدم غسلها بعد استخدام المراحيض.
3. التهابات الجهاز التنفسي:
• تنتقل بسبب ضعف النظافة الشخصية ومشاركة الأدوات خاصة بين الأطفال.
4. العدوى البولية والتناسلية:
• نتيجة قلة النظافة خلال الحيض أو بعد التبول، وتكثر بين النساء والفتيات.
5. العدوى الطفيلية:
• مثل الديدان المعوية، بسبب غياب أدوات النظافة ونقص الوعي بالممارسات الصحية السليمة.
أثر غياب النظافة على الصحة العامة في بيئات النزاع
غياب النظافة لا يقتصر تأثيره على الإصابة الفردية، بل يؤدي إلى تفشي الأمراض بسهولة في المجتمعات المغلقة كالمخيمات، ويزيد العبء على الفرق الطبية والمنظمات الإغاثية. كما يؤدي إلى:
• ارتفاع معدلات العدوى المتكررة.
• زيادة مقاومة المضادات الحيوية بسبب الاستخدام العشوائي.
• نقص التغذية بسبب الأمراض المعوية المزمنة.
• ضعف أداء الطلاب في التعليم، وتغيبهم عن المدارس.
• وصمة اجتماعية خصوصًا بين النساء والفتيات.
دور التدخلات الصحية والوقائية
لمعالجة هذا الخطر، يجب أن تتضمن الاستجابة الصحية الشاملة في مناطق النزاع محورًا خاصًا بـ “النظافة الشخصية” عبر:
• توفير مياه نظيفة بكميات كافية للغسيل والاستحمام.
• توزيع أدوات النظافة (صابون، فوط صحية، فرش أسنان…).
• حملات توعية بالممارسات الصحية البسيطة والفعالة.
• تحسين مرافق النظافة العامة مثل الحمامات ومغاسل اليدين.
• إشراك المجتمعات المحلية في تصميم برامج النظافة لتكون أكثر ملاءمة ثقافيًا.