مقالات

عصام أبومدينة يكتب: البرهان يعيد هندسة السلطة العسكرية بتشكيل جديد لهيئة الأركان

خرطوم سبورت

عصام أبومدينة يكتب:

البرهان يعيد هندسة السلطة العسكرية بتشكيل جديد لهيئة الأركان

 

منذ أكثر من قرن ظل الجيش السوداني في قلب معادلة التاريخ الوطني، حارساً للسيادة وضامناً لاستمرار الدولة في لحظات الانكسار. واليوم، ومع إعلان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان تشكيل رئاسة جديدة لهيئة الأركان، تبدو المؤسسة العسكرية وكأنها تضع حجراً أساسياً في مسار يعيد رسم الخارطة العملياتية، ويؤكد أنها ماضية بخطى ثابتة نحو حسم التمرد وصون بقاء الدولة.

 

هذا القرار لا يقف عند حدود التغيير الإداري، بل يعكس قدرة الجيش على تجديد دمائه وسط ظروف بالغة القسوة، ويبعث برسالة واضحة بأن بنيته الصلبة لا تسمح بانكساره تحت ضغط الداخل أو رهانات الخارج.

 

التشكيل الجديد يحمل بُعدين أساسيين: أولهما عسكري ميداني يتعلق بإدارة المعركة واستعادة زمام المبادرة، في وقت تشير المعطيات إلى أن التمرد يقترب من نهايته، وأن القيادة تعيد هندسة خططها لإغلاق أي ثغرات. أما البعد الثاني فهو سياسي رمزي، يقدّم صورة جيش قادر على التكيف والتجدد، لا كما يحاول خصومه تصويره ككيان متصدع.

 

لكن الأهمية الأعمق تكمن في الرسالة التي يبثها القرار، ليس فقط للجنود والضباط، بل للقوى السياسية في الداخل، وللعواصم الإقليمية والدولية التي تتابع مجريات الصراع. فالتاريخ السوداني يؤكد أن كلما اشتدت الأزمات، برز الجيش ليعيد ضبط إيقاع الدولة، واليوم يعيد التشكيل الجديد تثبيت هذه القاعدة.

 

إن الخطوة التي أقدم عليها البرهان ليست مجرد تعديل قيادي، بل إعلان عن مرحلة مختلفة قد تحمل عنواناً أساسياً: طي صفحة التمرد ورسم ملامح سودان جديد، يستند إلى جيش أكثر صلابة وخبرة، وأكثر حضوراً في صياغة مستقبل البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى