
زمن الانقلابات..
عثمان ميرغني
سرت في وسائط التواصل أمس شائعات عن محاولة انقلابية فاشلة في السودان.. نُسبت لبعض الجنرالات الذين شملتهم قائمة الإعفاءات الأخيرة.. و للصدفة بعضهم سبق اتهامه بالجريمة ذاتها و وضع أمام منصة القضاء العسكري.
من الصعوبة تخيل أن يُقدم عاقل على مثل هذه الجريمة خاصة في مثل هذا الظرف الذي يكابده السودان.. حـ؛رب ضروس تسير نحو عامها الثالث، وشعب نصفه بين نازح ولاجئ.. و مدن محطمة و مؤسسات تعليمية وصحية وخدمية خارج الخدمة لأكثر من عامين. في وقت لا يزال الجيش يواصل مهامه الوطنية لاستكمال استعادة بقية الوطن.
فوق كل هذا؛ زمن الانقلابات العسكرية ولى .. ولم يعد موجودا إلا في متحف التخلف الأفريقي في دول غرب أفريقيا.. والسودان الذي رصد له التاريخ السياسي أكثر من عشرين انقلابا بين فاشل ونجاح.. لم يعد هناك فرد واحد في السودان مقتنع بأنه وسيلة مناسبة للوصول إلى السلطة.. فالصبر على وعثاء التدافع السياسي أفضل كثيرا من تعجل القفز داخل أسوار القصر الجمهوري من فوق ظهر الدبابة.
من الحكمة أن نتوافق -وأعجل ما تيسر- على أن بلادنا لا ينقصها مزيد من الفوضى.. والأجدر أن نعمل جميعا – كل في تخصصه- للخروج بها إلى بر الأمان ثم الانطلاق في فضاء النهضة والرفاهية التي يستحقها شعبنا.
سعدنا أمس عند تلقينا دعوة لمؤتمر صحفي يعقد في مدينة امدرمان بمباني كلية التربية جامعة الخرطوم لإعلان اكتشاف علمي عظيم توصل إليه فريق من علماء السودان بعد جهد بحثي مضني لسنوات طويلة.
البروفسير مصطفى إدريس مدير جامعة الخرطوم الأسبق عميد كلية الطب الأسبق، والبروفسير مها كردفاني من كلية العلوم، والدكتور خالد محمد الأمين والبروفسير شوجو ميسومي من جامعة كوماموتو في اليابان. هم الفريق الطبي البحثي الذي حقق هذا الانجاز العلمي الفريد الذي سيسجله التاريخ فخرا لوطننا السودان.. رغم أنف الحرب والأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد علماء السودان لم ينشغلوا عن مهامهم التي تخصصوا فيها.. في وقت ترك فيه الكثيرون أعمالهم وتفرغوا للقيل والقال والبيع والشراء في أسواق السياسة التي لا تتطلب مهارة ولا قدرة سوى الثرثرة بلا نهاية ولا جدوى.
يحتاج السودان الآن أن ينصرف كل إلى ما يجيده.. العلماء في مختلف التخصصات .. والمهندسون والأطباء والمزارعون والعمال وغيرهم.. إفراغ ملعب السياسة من كثرة الخائضين بلا علم ولا معرفة ولا خبرة خطوة مهمة للتعافي وإصلاح حال الوطن المنكوب.
السودان في حاجة لانقلاب في الحياة والعمل والسلوك العام.
#حديث_المدينة الأربعاء 20 أغسطس 2025