مقالات

محمد علي الماحي يكتب: صقور الجديان.. حين يولد الفرح من قلب العاصفة

خرطوم سبورت

الهدف الاول

 

محمدعلي الماحي

 

صقور الجديان.. حين يولد الفرح من قلب العاصفة

 

 

 

 

في زمنٍ تتناسل فيه الأخبار كالعتمة، ويُفتَح الصباح على وجوه المدن المرهقة برائحة البارود، يطلّ علينا المنتخب السوداني للمحليين، “صقور الجديان”، كقصيدة حياةٍ تُتلى في مجلس الخراب. فجأة، ومن حيث لا نتوقّع، يتسلّل الفرح من بين شقوق الجدران المهدّمة، ويجلس في القلوب المتعبة مثل ضيفٍ عزيزٍ غاب طويلاً ثم عاد.

 

تأهل السودان إلى نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية للمحليين على حساب الجزائر، لم يكن مجرد عبورٍ إلى دورٍ متقدّم في بطولة رياضية، بل كان أشبه بولادة حلمٍ جديد من رحم المستحيل. أن تهزم الحزن وأنت في قلبه، أن ترفع رأسك عاليًا فيما كل ما حولك يدعوك للانكسار، تلك بطولة لا تُقاس بالأهداف، بل بصلابة الروح.

 

هؤلاء اللاعبون، القادمون من دوري محلي يعيش على وقع الأزمات، من دون معسكرات فارهة أو تجهيزات تُشبه ما تملكه القارّة من عمالقة، واجهوا أسماء كروية تملأ الدنيا ضجيجًا، من نيجيريا إلى السنغال وصولاً إلى الجزائر، وقالوا للعالم إن الإيمان بالقميص يمكن أن يصنع معجزات صغيرة، لكنها عميقة كأثر المطر في أرضٍ عطشى.

 

لم يكن انتصارهم مجرد رياضة، بل كان شرفةً للفرح في بيتٍ غمره الغبار، وكان علم السودان وهو يرفرف كأنه يربّت على كتف الوطن الجريح، ويهمس في أذن الناس: لا تدعوا الحرب تسرق كل شيء، فما زال في هذا البلد قلبٌ يعرف كيف يخفق للحياة.

 

في نصف النهائي، سيحمل صقور الجديان ألوان البلاد على أقدامهم، ليس فقط ليبحثوا عن كأس، بل ليواصلوا كتابة هذا النشيد الذي يقول إن السودان، مهما ضاق عليه الأفق، سيجد دومًا نافذة للضوء.

 

سنكون بإذن الله في النهائي الحلم من أجل لقب انتظرناه طويلاً رغم تميز منتخب مدغشقر الذي يجب إحترامه فهو منتخب له طموحاته مثلنا وجائع لتحقيق النجاح..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى