مقالات

عصام ابومدينة يكتب: غرب كردفان.. بين جرح الحرب وصناعة القادة

خرطوم سبورت

عصام ابومدينة يكتب:

غرب كردفان.. بين جرح الحرب وصناعة القادة

 

تمر ولاية غرب كردفان اليوم بامتحان هو الأصعب في تاريخها؛ امتحان يكشف معدن الدولة وصدق القيادة، ويمتحن في الوقت ذاته صبر المجتمع وتماسكه. فما جرى من اجتياح مليشيا الدعم السريع للولاية لم يكن حدثًا عابراً في سجل حرب الوكالة التي هدفت إلى تمزيق وحدة البلاد، بل ضربة موجعة استهدفت واحدة من أكثر الولايات حساسية، فبعثرت أمنها، وأربكت إدارتها، وكادت أن تنال من نسيجها الاجتماعي.

 

ومع قسوة اللحظة، تولد دائماً الرموز. هنا يبرز اللواء ركن محمد آدم جايد، والي غرب كردفان، الذي كلف بإدارتها في وقت تلفظ فيه الولاية انفاسها الاخير – ورغم ذلك ظل الرجل يعمل لا كموظف يؤدي مهامه من خلف مكتب، بل كقائد اختار أن يكون في قلب الحدث. فحين لم يجد من بين أربع عشرة محلية سوى النهود ، آثر البقاء فيها مرابطاً مع جنود القوات المسلحة والتشكيلات المساندة لها ،ورغم العوائق المفتعله لعرقلة طريقه الا وانه استطاع ان يدير شؤون الدولة حتى طالت محلية النهود يد الغدر. لم يهرب الوالي، ولم يساوم، بل ظل حاضراً في معارك الخوي، باقياً في الولاية باحثاً عن مخرج، إلى أن ارتأى المركز إدارة الولاية من خارج حدودها.

 

قد يظن البعض أن القائد العسكري لا يملك سوى لغة الميدان. لكن تجربة سعادة اللواء جايد أثبتت العكس: ان الرجل يدرك – حسب خبرته – أن الحرب لا تُحسم بالبندقية وحدها، بل بالقدرة على جمع الخيوط، وطرق أبواب السياسة، والجلوس مع صانعي القرار. الامر الذي يدل على أن رسالته كانت واضحة: معركة استرداد الأرض لا تنفصل عن معركة إقناع المركز بأن غرب كردفان تستحق أن تُستعاد سريعاً، فالتأجيل يعني نزيفاً أطول وأشد.

 

واليوم، تقف الولاية على مفترق طرق تاريخي: إما أن تُستعاد كولاية صلبة قادرة على لملمة جراحها، أو تُترك لتتآكل تحت وطأة الحرب والفراغ. لكن الأمل أقرب إن اخترنا جميعًا أن نجعل من جراحنا بدايةً جديدة، لا نهاية مأساوية.

 

رسالتي إلى من يمسكون بزمام القرار في المركز:

أعينوا سعادة اللواء محمد آدم جايد في معركة تحرير ولايته، واستعجلوا ذلك قبل أن يسبقكم الزمن. فهو رجل خبر الميدان وعرف دهاليز الإدارة، ويملك ما يؤهله لإعادة الهيبة لغرب كردفان. إن وقوفكم معه ودعمه مادياً ولوجستياً اليوم ليس ترفًا ولا خياراً، بل هو ضرورة لإنقاذ الولاية من براثن المليشيا وحماية ما تبقى من هيبة الدولة. فهل يعلو صوت الواجب على صوت التردد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى