مقالات

عصام أبومدينة يكتب: الملي شيا تتحمل مسؤولية استشهاد الأمير عبدالقادر منعم منصور

خرطوم سبورت

 

عصام أبومدينة يكتب: الملي شيا تتحمل مسؤولية استشهاد الأمير عبدالقادر منعم منصور

في زمنٍ انقلبت فيه القيم، وغابت فيه حدود الإنسانية، لم تعد الرصاصة وحدها وسيلة للقتل. يمكن للموت أن يتسلل بهدوء، على هيئة حصارٍ، أو منعٍ من الدواء. هذا ما حدث للأمير الشهيد ورمز الادارة الأهلية والحكمة عبدالقادر منعم منصور، أمير عموم قبائل دار حمر، الذي لم يمت موتاً طبيعياً ، بل اغتيل ببطءٍ كما خططت الملي شيا. موته لم يكن نهاية حياة رجلٍ واحد، بل سقوط قيمةٍ اجتماعيةٍ كبرى ورمزٍ وطنيٍ ظلّ يجسد الحكمة والاتزان حتى آخر لحظة من عمره.

في الأول من مايو، حين استولت الملي شيا على مدينة النهود، العاصمة الإدارية لولاية غرب كردفان، كان الشهيد الأمير عبدالقادر في كامل صحته ونشاطه، يمارس مهامه كزعيمٍ حكيمٍ وقائدٍ رصين. لكن دخول الملي شيا لمدينة النهود العاصمة الادارية لولاية غرب كردفان غيّر المشهد تماماً. فُرض عليه حصار قاسٍ داخل داره، قُطعت عنه وسائل التواصل، ونهبت ممتلكاته بما فيها منظومة الطاقة الشمسية التي كان يحفظ فيها (الأنسولين) لعلاجه، وحتى هاتفه الشخصي لم يسلم من النهب.

لم تكتفِ الملي شيا بذلك، بل منعت الأمير من السفر لتلقي العلاج خارج الولاية حين بدأت حالته الصحية في التدهور. تركته يواجه المرض، ومع تفاقم وضعه الصحي، سقط ضحية جلطةٍ مفاجئة نُقل على إثرها إلى مستشفى النهود المرجعي، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعد رحلة صراعٍ غير متكافئة مع الألم والإهمال والحصار.

وفاته لم تمر كحدثٍ عابر؛ فحكومة غرب كردفان نفسها، عبر بيانٍ رسمي نشرته وكالة السودان للأنباء، حمّلت المليشيا مسؤولية ما جرى. وهذا مؤشر صريح بأن ما حدث ليس امراً طبيعياً بل جريمة مكتملة الأركان. فحين يُمنع المريض من العلاج، ويُغلق أمامه طريق الحياة، فإن ذلك شكلٌ من أشكال القتل المتعمّد.

إن ما جرى للأمير الشهيد عبدالقادر منعم منصور، يمثل جرحاً في كرامة السودان بأسره. أن يُحاصر رمزٌ اجتماعيٌّ في داره ويُترك للموت، فتلك ليست حرباً بل فعلٌ مشين يضرب جذور المجتمع في أخلاقه قبل أن يضرب أجساده. لقد أكدت المليشيا بفعلها هذا أنها لا تعرف حرمة شيخٍ ولا مكانة رمزٍ.

رحل الأمير الشهيد عبدالقادر منعم منصور جسداً، لكنه ترك خلفه موقفاً خالداً. اختار أن يبقى في مدينته حتى النهاية، وواجه الموت بكرامة القائد الذي لا يساوم على أرضه. موته شهادة على أن المليشيا لم تنتصر، بل كشفت عجزها الأخلاقي وفقدانها لأي معنى للإنسانية.

رحم الله الأمير الشهيد عبدالقادر منعم منصور، الرجل الذي عاش للكرامة ومات شامخاً فوق تراب النهود، وترك وصيته التي كتبها التاريخ:
إن دنّست المليشيا دار حمر، فباطن الأرض خيرٌ لنا من ظاهرها.”
تعازينا لابنه الأمير منعم عبدالقادر منعم منصور، وللاسرة الكريمة داخل وخارج البلاد وللشراتي وعموم أهل دار حمر.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى