
سلوى أحمد موية تكتب :
ماتحكيه الأغنيات
لكل اغنية قصة ورواية ومابين الكلمة الرصينة واللحن الشفيف ألف رواية وراوية
شاعرنا الاسمر السوداني الطيب محمد سعيد العباسي كان طالبا يدرس القانون في إحدى الجامعات المصرية فاعجب بفتاة من حسناوات مصر وكان مغرمآ بها وكان ينتظر فرصة ليبوح لها بصدق مشاعره وفي عيد من أعياد اهل الكتاب إلتقي الشاعر صدفة بتلك الفتاة وكانت غاية في الحسن والجمال ترتدي معطفآ من الفرو الغالي الثمن يؤكد انها من طبقة عليا وبكل طيب خاطر لوح لها العباسي مشيرآ بإيماءة غرامية معبرآ عن حبه وإعجابه بحسن بهاءها فما كان من الفتاة الا ان غضبت ونهرته وسبته بالفاظ جارحة وعبارات عنصرية قاتلة معايرة بلونه الأسود قائلة له:(من انت يابربري)في اهانة واضحة مستخفة به وبسمرة لونه. هذا الموقف العاطفي المستفز ألهم العباسي واوحى له بكتابه القصيدة الطويلة التي قامت لجنة النصوص بحزف بعض اياتها الخادشة للحياء. فقد حملت القصيدة حالة من حالات العنف والعنصرية ولولا صد الفتاة ونفورها واستنكارها لحب شاعرنا الاسمر لما اخرج لنا هذه القصيدة ذات الشجن النبيل وانتفض في ثورة عاطفية جامحة لرد اعتباره وثأرآ لكبريائه كرامته ليؤكد لتلك الفتاة انه من بيئة مسامحة وجدانيآ وعاطفيآ حين قال(وانا ما خلقت في وطن في حماه الحب يضطهد فلماذا اراك ثائرة وعلام السباب يضطرد) وصادف في تلك الفترة أن الفنان الطيب عبدالله اشتهر بفنان الجراح والحزن والسجن واللواعج النفسية والمعنوية المختلفة فقد اضاف للأغنية لونآ حزائنيآ اكسبها التميز بين بقية الأغنيات. كان اسم القصيدة في الاصل(ذات الفراء) وتحول فيما بعد الي (يافتاتي) فقد أداءها المطرب الطيب عبدالله باحساس عالي تطريب رائع ولانه كان معلما في اللغة العربية جاءت مخارج حروفه للكلمات في قمة الإتقان والتجويد مما جعل الأغنية سهلة الاستيعاب والتأمل حاول أن يحزف منها بعض الأبيات لأنها كانت طويلة لكنه كان يجد كل بيت أجمل من الذي سبقه.
يافتاتي ما للهوى من بلد
كل قلب في الحب يبترد
وأنا ماخلقت في وطنً
الهوى في حماه مضطهد
فلماذا أراك ثائرة
وعلام السِبَابُ يضطرد
والفراء الثمين منتفض
كفؤادٍ يشقى به الجسد
أَلأَن السّواد يغمرني
ليس لي فيه يافتاة يد
أغريب ؟..إن تعلمي فأنا
لي ديار فيحاء ولي بلد
كم تغنيت بين أربُعه
لحبيب في ثغره رغد
ولكم زارني وطوّقني
بذراعيه فاتن غرد
أيّ ذنب جني








