مقالات

عبدالرحمن سورتود يكتب  العدل الصوري في العقوبات الأمريكية على الطرفين

خرطوم سبورت

العدل الصوري في العقوبات الأمريكية على الطرفين !
كتب السيد /عبدالرحمن سورتود
حينما تفرض الولايات المتحدة الأمريكية بعقوباتها على طرفي الحرب وهي تعلم يقينا ان طرفاً من أطراف هذه الحرب مُعاقبٌ سلفاً وتعلم ان هذا الطرف منهزم أصلا مصيره إلى الهلاك قبل نزول عقوباتها الجديدة عليها ..فحينما تفعل هذا فاعلموا أن هدف هذه العقوبات ليس طرفي الحرب إنما هي تريد إنزال العقوبات على الطرف المنتصر فقط .. وأن عنونتها بأنها على طرفي الحرب إنما هي تدليسٌ وتآمرٌ وخبث .. وهو الجاري حصوله !
بل من المنطق والمعقولية جِداً أن تطلب الطرف المنهزم بنفسه بإنزال أشد العقوبات عليه وعلى الطرف الآخر ! .. نعم .. لأنه يعتبر نفسه منهزماً مصيره إلى الزوال والموت فما ستفعل العقوبات به .. فلنتزل – إذن – عليهما الاثنين .. ضُراً للطرف المنتصر !
ولكن – مع هذا – هل هناك – في عالم اليوم – شيء اسمه العقوبات الأمريكية ؟!
أمريكا التي تقتات اليوم بنرجسية تاريخها الغابر – ناريخها حين كانت هي القطب الأوحد في العالم .. وحيث كانت هي شرطي العالم الآمر الناهي .. وحيث كانت هي زعيمة النظام العالمي الجديد .. وحيث كانت بيدها اليمنى العصا الوحيدة وبيدها اليسرى سلة الجزر الوحيدة .. في ذاك الوقت – صحيح – كانت للعقوبات الأمريكية اثرها القاتل على الدول والأنظمة الحاكمة .. فكانت من ضحاياها – مثالاً وليس حصراً – ليبيا والعراق الموؤودتين في قضيتهما المشهورتين وقتها بقضية لوكاربي وأسلحة الدمار الشامل .. ثم على كوبا السودان وأخرى .. فكانت جميع دول العالم تتحاشى إغضاب أمريكا أو عصيان أمرها لما كانت لعقوباتها من آثار مدمرة وقاتلة ..
تعيش أمريكا اليوم بنرجسية تلك الحقبة وتقتات باجترار ذاك العز الغابر .
كلا .. سيقول لها جيل اليوم من الانظمة والحكام ثم الشعوب الذين يعتبرون العقوبات الأمريكية آثاراً ماضية وتاريخاً يُحكى كتاريخ سائر المندثرات :
” كان في قديم الزمان وسابق العصور والعهود أشياء فاندثرت مثل الجدري والطاعون ، وقاطرات البخار ، والعقوبات الأمريكية ، والخفاض الفرعوني – أها ” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى