
الضجة حول مشروع الجزيرة..
تشهد وسائط التواصل الاجتماعي سجالا متعدد الأطراف حول مآلات مشروع الجزيرة بعد الحـ؛رب.. و رغم ان المشروع ولسنوات طويلة ظل بين الحين والآخر يطفر الى سطح الاعلام كان أشهرها في العام 2005 عندما بدأت اجراءات عجلى لتغيير القانون الخاص بمشروع الجزيرة .. بصورة يعتبرها الكثيرون مسؤولة عن التدهور السريع الذي بدأ يعاني منه بعد ذلك.
و كل عام يظل مشروع الجزيرة مثار ضجة موسمية عندما تبدأ مشاكل الري في الختناق و تهديد المحاصيل والمواسم الزراعية..
وبعد الثورة عاست فيه لجنة “ازالة التمكين” عبثا و أدت لمزيد من الضربات الموجعة التي زادته خبالا..
لكن الطامة الكبرى بدأت عمليا في ديسمبر 2023 بعدما دخلت قوات التمرد إلى مدية مدني عاصمة ولاية الجزيرة ثم سامت أهالي المشروع في المدن والقرى عذابا وانتهاكات و حرمتهم من زراعة أراضيهم التي تمد السودان كله بالمحاصيل الضرية وتساهم في رفد الخزينة العامة بالأموال الصعبة مما يصدر إلى الأسواق العالمية..
كنا نظن – وبعض الظن ذكاء- أن مشروع الجزيرة بعد الحـ؛رب لن يكون كما كان قبلها.. خاصة انه في هذا العام 2025 يحتفل بمئة شمعة منذتأسيسيه في العام 1925.
كتبت كثيرا قبل أربع سنوات أطالب الحكومة و ادارة المشروع أن تبدأ منذ ذلك الوقت في اعداد تصورات لتطوير المشروع و الانتقال به إلى مرحلة جديدة..
بل وأكثر من ذلك أفردت فصلا خاصا بمشروع الجزيرة في كتابي “السودان الجمهورية الثانية” اقترحت استنباط مستوى اتحادي اضافي تحت مسمى “المقاطعة” يجمع بين السلطة الادارية والاقتصادية والمجتمعية … واقترحت أن تكون البداية بمشروع الجزيرة .. ليتحول من “مشروع” إلى “مقاطعة الجزيرة” وفق هيكل اداري عصري متقدم أوضحت تفاصيله في الكتاب.
من المحزن ان تكشف الضجة الاعلامية المثارة حاليا أن المشروع بدلا من الانطلاق نحو مستقبل مختلف.. اذا به يرتد إلى أسوأ من الماضي الذي كابده خاصة في العقود الأخيرة..
لا أحد يفكر خارج الصندوق.. المألوف و المعروف من الأفكار التي تكرس الفقر بدلا من التطلع لآفاق بعيدة في سماء الرفاهية والازدهار..
عودة مشروع الجزيرة للادارة وفق المنهج القديم .. سيبقيه حزمة أزمات موسمية.. ويجعله مشروعا حكوميا يدار بعقلية حكومية غير قادرة على النظر أبعد من منظور “دولة الأفندية” التي تحكم البلاد.
مشروع الجزيرة مؤشر لمستقبل السودان .. ان صلح المشروع .. صلح مستقبل البلاد.
#حديث_المدينة الأحد 9 مارس 2025