مقالات

عثمان ميرغني يكتب البحث عن كبير

خرطوم سبورت

تابعنا على واتساب

البحث عن كبير..

في وسائط التواصل الاجتماعي..طرحت سؤالا مهما (من هو كبير البلد؟).. وفي الحال تتابعت الردود بعضها من الموالين للسلطة الحاكمة يستغربون مثل هذا السؤال.. بافتراض أن رئيس مجلس السيادة هو “كبير البلد” الذي لا يجب الجدال حوله.

والحقيقة الأمر لا يتعلق بالسلطة السيادية ولا التنفيذية ولا أي مستوى آخر.. فعبارة “كبير البلد” شائعة في المجتمع السوداني بمعنى من يملك الحكمة.. الذي يفض النزاعات بين الناس.. و يساوي خصوماتهم.. ويجبر الخواطر و يحفظ الامن المجتمعي النفسي للجميع.. وهو بالضرورة لا يشترط أن يكون صاحب نفوذ سلطوي ولا مالي ولا أي من الروافع المجتمعية المعروفة.. فقط “جَبَّار الكُسور” كما تقول أغنية الفنان اللحو الشهيرة..

سؤالي عن “كبير البلد” يقصد به صاحب الحكمة القادر على جمع الكلمة ودرء الفتنة والامساك بيد الوطن ليتجاوز المحن.. وللأسف حتى كتابة هذه السطور لا أحد.. شخصا كان او حزبا او حكومة .. يرغب في شغل موقع “كبير البلد”.

لنطرح الامر بصراحة أكثر..

دعونا نحاول وضع درجات لتقييم أوزان الأحزاب السياسية السودانية.. فمن المهم ادارك الحقيقة حتى يمكن التعامل بها ومعالجة اوجه القصورة..

هناك خمسة معايير لتقييم الأحزاب..

الأول: القاعدة الجماهيرية.. العضوية والمتعاطفة.

الثاني: التماسك والانسجام المنهجي.

الثالث: البنيان التنظيمي وتماسكه.

الرابع: القاعدة الشبابية.

الخامس: الخبرات التنظيمية والحركية.

بتطبيق هذه المعايير على الأحزاب السودانية .. تظهر نتائج صادمة.. أحزاب عريقة عتيقة لن تحصل على أكثر من 15%.. وأخرى أحدث منها قد تفوقها قليلا في حدود 20% إلى 25%.. بينما حزب المؤتمر الوطني بكل المآخذ التي عليه ولكنه الأكثر ديناميكية وحيوية سيفوق بقية الأحزاب قاطبة، ولكن يظل وزنه في حدود 45%.. بمعنى أقل من النصف.. وباللغة الأكاديمية فهو راسب أيضا و ان كان أفضل الراسبين.

ونعود للسؤال.. (من هو كبير البلد)؟

هل هناك حزب أو زعيم راغب وقادر على أن يكون مربط فرس الحل في السودان.. ليجمع حوله المتنافرين والمتشاكسين ويقودهم الى نقطة تلاقي وطني قد لا ترضي الجميع لكنها بالضرورة توفر الطريق الآمن الذي يسعد جميع بنات و أبناء الوطن.

بحسابات الأوزان التي ذكرتها.. يصبح المؤتمر الوطني أكثر تأهيلا للعب هذا الدور.. دور (كبير البلد)..

لكن بكل أسف.. لا يزال بعيدا عنه للاسباب التالية..

(1) الحزب منغلق على نفسه يكابد حالة الغبن الذي تسببت فيه ثورة ديسمبر باقتلاعها لحكمه ووضعه في مقام “حزب مخلوع”.

(2) فشل الحزب في مراجعة حقيقية تتجاوز اخفاقاته الفكري والسياسية والمنهجية.

(3) اصرار قياداته على التشبث بالأوضاع القديمة لاثبات أنهم ما أخطأوا حينما عصفت ثورة شعبية بالحزب.. بل الشعب السوداني هو الذي أخطأ..

(4) الاصرار على منهج احادي لا يستوعب التباينات السياسية والمجتمعية.

من الحكمة ان ينظر كل حزب سياسي للأفق البعيد الذي يتجاوزه إلى المصالح القومية للبلاد.. ويحاول ترسيم منهج تفكير يقود الى حلو تستوعب الجميع..

بغير ذلك لن يخرج السودان من كبوته..

لابد من البحث عن ” كبير البلد”..

الذي يستوعب الجميع..

#حديث_المدينة الأجد 6 أبريل 2025

تابعنا على واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى