
محمد ادريس يكتب: تداعيات إقالة وزير الشؤون الدينية.. القشة التي قصمت ظهر البعير ..!!
لا يزال السؤال بلا إجابة واضحة، ما هي الأسباب وراء الاقالة المفاجئة لوزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور عمر بخيت الذي تسلم مهامه في نوفمبر الماضي، بحراك واسع في توحيد منابر المساجد حول معركة الكرامة، وإنطلاق مهرجان القرآن الكريم بعد توقف ناهز خمس سنوات، والبداية في خطة اصلاحية لإيقاف تغول القطط السمان على أموال أوقاف البلاد المسنودة من (فوق أوي) أو كما قال المارشال مناوي، ويبدو أن تلك ربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير..!
ذلك المثل الذي يشير إلى حدث صغير يحدث أثرا كبيرا ليس بذاته فقط.. بل لأنه جاء بعد تراكم كثير من الأحداث، كالبعير الذي يحمل الأحمال الصغيرة حتى لم يعد يحتمل شيئا آخر، ثم تضع فوقه حملا صغيرا فينقسم ظهره، ظاهريا بسبب القشة ولكن حقيقة بسبب عدم مقدرته على حمل كل الأحمال السابقة .
وحكاية القشة التي قصمت ظهر البعير / تبدو وقع الحافر على الحافر / في إقالة الوزير الذي غادر منصبه في أغرب حالة قياسية تحدث في بلادنا، وقبل حتى أن يتسلم مكتبا أو منزل أو سيارة الوزير وبلا إدارات مساعدة وبلا موظفين وقبل أن يلتقي بالقيادة العليا ليطلعها على التعقيدات وتضارب المصالح “رضينا بالهم والهم ما راضي بينا “..!
يجمع كل الذين تعرفوا في الفترة الوجيزة لوزارته على أن الدكتور عمر بخيت كان شابا ورعا ومثاليا في غابة تضج بالذئاب والضباع، التي لم تتعلم من الحرب والنزوح، الإقلاع عن التكالب علي المغانم الشخصية والمصالح الفانية، وكل ما في الأمر ببساطة أن أحدهم دبجا تقريرا”لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه “عن تفاصيل عادية في يوميات الوزراء والمسؤولين وحتى صغار الأفندية إيجار شقة في سلالاب وليس (جميرا بيتش) ونثرية سفر تكفلها اللوائح/ وليس مالا مجنبا من بنود الميزانيات السياسية والأمنية، والادعاء بتعيين محسوبين في وظائف ليس من بينها مدير هيئة الحج والعمرة ولا الأوقاف ولا الصناديق الايرادية بل فقط (سائق).. ألم نقل إنها القشة التي قصمت ظهر البعير…!!
قصمت القشة ظهر البعير ظاهريا بادعاء النزاهة المفرطة تجاه تفاصيل تبدو إدارية ونحن نتابع يوميا مئات القضايا التي تطمر بالنسيان والتجاهل الفساد الذي ضخم وصنع المليشيا الفساد الذي دمر المشاريع القومية وجعلنا نعيش بلا كهرباء ولا ماء، والسؤال هنا لماذا لم تشكل لجنة محاسبة للوزير والجهة الأخرى لعرض الادعاءات وتفنيدها، ألا توجد خطوات قبل الإقالة يجب اتخاذها، ومنذ متى كانت الكتابات الصفراء هي التي تحرك متخذي القرار، وأن كان الرجل غير مناسب للوزارة ورأت جهات عليا فجأة أنه غير مناسب للمرحلة ولا ينجسم مع الجو العام الذي يتطلب (وزير دلدول) ووجوه باهتة أليس من الأفضل إقالته هكذا وبدون تقارير ملفقة..!!
ومن تداعيات إقالة الوزير المؤتمر الصحفي المحضور الذي أقامه مؤتمر خريجي شعب البجا بالأمس في بورتسودان وأعلن فيه التصعيد القانوني والسياسي وهو رد فعل متوقع باعتبار أن المؤتمر رشح الوزير ووزراء آخرين/ وهو كيان مستنير يضم كافة خريجي الإقليم، وليس كيانا اثنيا كما يزعم العنصريون المراوغون دعاة القومية الكذوبة، وعمر بخيت وزير كفاءة بمقدرات علمية وعملية و(ثقل اجتماعي) من الخياري حتى شلاتين سيتعب من يأتي بعده حيث كان أنموذجا لتمثيل شرق السودان المشرف وباقالته يتضاءل هامش المشاركة في الحكومة الاتحادية إذا لا يزال مقعد السيادة شاغرا وكذلك التمثيل في المفوضيات والصناديق والوظائف الأخرى معطلا لأسباب غير معلومة مما ينذر بصيف قاسٍ في العاصمة الإدارية المؤقتة وكسلا والقضارف، للحديث عن إتاحة المشاركة السياسية لجميع أهل السودان “ما عدا الشرق” وكيفية تدارك هذه الصورة المقلوبة ..!!