
عصام أبومدينة يكتب: لقاء اتحاد شباب دار حمر بين الحشد الوطني وبناء المستقبل
في قلب كردفان، حيث تتشابك التحديات الأمنية مع الحاجة الماسة للوحدة الاجتماعية، اجتمع بالأمس شباب دار حمر في قاعة أمانة حكومة ولاية شمال كردفان بمدينة الأبيض في لقاء يمثل أكثر من مجرد فعالية رسمية. كان اللقاء نافذة على طاقات الشباب الكامنة، على إرادتهم للدفاع عن الأرض، وعلى قدرتهم على جمع أبناء المجتمع بمختلف أطيافهم تحت شعار “كلنا جيش”.
بتشريف والي ولاية غرب كردفان، اللواء ركن م. حقوقي محمد آدم جايد، الرجل الذي أسهم في تغيير الكثير من المفاهيم الخاطئة وجمع أبناء الولاية في بوتقة واحدة، ظهر جلياً أن هذا الحشد لا يقتصر على البعد العسكري أو السياسي فحسب، بل يحمل رؤية لشباب لا يسعون لأن يكونوا جزءاً من صناعة المستقبل، بل لأن يكونوا صانعي المستقبل.
وسط هذا الجو المفعم بالحيوية، بدا واضحاً أن الحشد الوطني ليس مجرد استجابة للتهديدات الراهنة، بل خطوة استراتيجية لتفعيل دور الشباب في صياغة السياسات المحلية وبناء نسيج اجتماعي متماسك. استطاع المكتب التنفيذي لاتحاد دار حمر تحويل اللقاء إلى مساحة حقيقية للحوار والتقارب بين الأطياف المختلفة، مؤكدين أن الدفاع عن الأرض لا يتناقض مع تعزيز الوحدة وقبول الآخر، وأن القوة الحقيقية تكمن في قدرة الشباب على توجيه حماسهم الوطني نحو مستقبل مستدام ومثمر.
ورغم صعوبة الواقع على الأرض، حيث لا تزال ولاية غرب كردفان تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع المتمردة، برزت أهمية هذا اللقاء. حيث لم يكن مجرد استعداد لحشد الهمم، بل استثماراً للطاقات الشبابية في بناء قاعدة صلبة، تمكن الشباب من التحول من مقاتلين في ساحات القتال إلى قادة قادرين على التأثير في التنمية والمجتمع بعد تحرير الولاية.
وفي هذا السياق، لم يقتصر اللقاء على الأمن فقط، بل رسخ أيضاً رسالة المصالحة المجتمعية ونبذ خطاب الكراهية. أصبحت الوحدة الاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من أي استراتيجية وطنية، وضمانة حقيقية لاستدامة جهود الشباب. لم يعد الشباب مجرد حماة للأرض، بل قادة قادرون على صياغة سياسات محلية وبناء مجتمع متماسك، وتجسيد مفهوم الوطنية بشكل أعمق وأشمل.
وفي نهاية المطاف، يقدم هذا اللقاء نموذجاً حيّاً لما يمكن أن ينجزه الشباب عندما تُستثمر طاقاتهم الوطنية بشكل متكامل. التضحيات الحالية ليست لحظة عابرة، بل قاعدة تنبثق منها أدوات البناء المستقبلي، حيث يصبح للشباب دور قيادي في التنمية والمصالحة، وتتجه الحماسة الوطنية نحو قوة إنتاجية مستدامة. وبين التحديات الراهنة وطموحات المستقبل، يقف شباب دار حمر على مفترق طرق، ينتظرون من القيادات منحهم الفرصة لتشكيل واقع جديد، حيث يصبح الوطن فضاءً للتلاقي والازدهار، ومجتمعاً يحتفي بالوحدة والكرامة، وتتحول طاقات الشباب إلى شعلة تنير طريق الاستقرار والتنمية، لتكون نبراساً للأجيال القادمة.