مقالات

عثمان ميرغني يكتب حكومة المنفى.. اللعب مع الصغار..

خرطوم سبورت

حكومة المنفى.. اللعب مع الصغار..

 

لا أعتقد أن أصحاب فكرة حكومة المنفى نظروا لأكثر من بطاقات تحمل أسماءهم مقرونة بوظائف وزارية.. تحسين الـ”سي في”.

بعد أن حار بهم الدليل في انتظار مغانم متوهمة.. فكروا في حكومة افتراضية معلقة في الهواء.. لا أحد -من متوهميها- يعلم ما هي؟ وكيف تكون؟ و أين تعمل؟ ومن يعترف بها؟ و غيرها من الأسئلة الحتمية.. المهم حكومة والسلام.

بكل أسف مثل هذا التفكير يضيف لرهق الساسة الذين أفقدوا الشعب الثقة فيهم وفي الحقل السياسي عموما.. بكثرة الأخطاء والخطايا التي يدفع كل شعب السودان ثمنها إلا من يرتكبوها فهم يخرجون منها دائما مثلما تخرج الشعرة من العجين.

السياسة منذ ما قبل استقلال بلادنا نهضت على فكرة الصراع حول السلطة.. دون نظر لما هو مطلوب من السلطة عند الوصول إليها.. و لو نظرنا للرسم البياني الذي يرصد مؤشرات الصراع السياسي في السودان، تبدو الذروة عادة في منحنيات الاقتراب من أسوار السلطة عن طريق الانتخابات أو التعيينات أو حتى الانقلابات.. مثل رائحة الطعام تجذب الجوعى.. وحاليا في الأجواء رائحة شواء يعد في مطابخ خلف الكواليس.

الأوهام لا تضر إلا إذا تعامل معها من يتوهمها وكأنها حقيقة… سمعت أمس ما قاله الدكتور علاء الدين نقد لقناة الجزيرة مباشر حول حكومة المنفى المتوهمة.. و الأسئلة التي وُجهت إليه لم تكن من اجابة عليها سوى أنها حكومة والسلام.. ومع ذلك يتوقع أن يعترف بها المجتمع الدولي بل لربما يتصور أن يحملها حملا إلى كرسي السلطة في الخرطوم.

الأمم المتحدة لكونها منظمة عضويتها من الدول، وتنبنى الفكرة الأساسية في ميثاقها على سيادة هذه الدول.. فلا يتصور عاقل أن تقبل بحكومة تعاني المنفى المزدوج.. منفى مكان و منفى رفض الشعب لها.

من الحكمة أن يستعيد الساسة رشدهم ويدركوا أن الفرصة المتاحة لهم لتصحيح نظرة الشعب إليهم – كقطاع سياسي وليس مجرد ساسة أفرادا- باتت ضيقة وتنحسر كل يوم.. نعم الديموقراطية لا تقوم إلا بالأحزاب والساسة.. و في سياق بناء دولة السودان الحديث نحتاج للساسة وللقطاع السياسي.. لكن ليس بالمواصفات التي تسمح بمثل هذا التفكير الطفولي غير الناضج..

ترفيع مستوى الادراك والممارسة السياسية أمر حتمي لبناء دولة حديثة.. خاصة في هذا العصر الذي وصل فيه الصراع الدولي إلى عنفوانه ولم يعد العالم يحتمل الدول الضعيفة التي تحكم بخبرات متواضعة.

يحتاج الساسة لشهادة (حسن سير وسلوك) من الشعب السوداني تسمح لهم بالعبور إلى مرحلة جديدة من تاريخ الدولة السودانية.. لكن إذا استمروا في مثل هذه الأفكار فهم يمنحون عهدا جديدا من الدكتاتورية فرصة أخرى.. للأسف هذه المرة ستكون دكتاتورية مسنودة شعبيا.

لا أعتقد أن أصحاب فكرة حكومة المنفى نظروا لأكثر من بطاقات تحمل أسماءهم مقرونة بوظائف وزارية.. تحسين الـ”سي في”.

#حديث_المدينة الخميس19 ديسمبر 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى