
وجع الحروف.. شمال كردفان: (تحولات المشهد.. قراءة متأنية) – الجزء 7
ارتفعت معدلات الجريمة المرتكبة في حق أهل القرى في محليتي بارا وجبرة الشيخ من قبل عناصر المليشيا وشفشافتها، حيث تم التعدي على قرى الطليح وفرع الصقر وجبر، والوقائع تؤكد اتساع نطاق النهب والسلب، خاصة في منطقة الطليح الواقعة إلى الجنوب الشرقي من جبرة الشيخ.
أما أم قلجي، الواقعة على بعد 17 كيلومتراً جنوب بارا، فقد شهدت تحشيداً للمليشيا يتجاوز 60 عربة قتالية، اتخذت من الكيلو 40 على طريق بارا – الأبيض نقطة للحركة. وقد اتجهت المليشيا إلى كسر جميع المنازل وتهجير أهلها، الذين غادروا إلى منطقتي التقور وأم عسيلة، ووصل بعضهم إلى الأبيض.
على مستوى مسارح عمليات الولاية، تأخذ الحرب مساراً واضحاً، حيث استطاع المسير تدمير عدد من العربات القتالية في أم قرفة، التي شهدت هي الأخرى تهجيراً لسكانها وتعاني ضغط المليشيا والأمراض المنقولة بواسطة عناصرها. فهل ينجح الطبيب القادم إليها في كبح جماح الكوليرا في ظل انعدام المحاليل الوريدية؟
وتصبح معركة أم لبخ صفحة لمعالجة كل تلك المشكلات، حيث دفع أهل القرى ثمن أخطاء ساسة حزب الأمة والمؤتمر السوداني، الذين غادر بعضهم إلى نيروبي وجوبا، والبعض الآخر يمم المنافي البعيدة في ليبيا. ويبدو أن مقتل النبهاني غيّر المعادلة عند بعض متعاوني بارا، فلا صداقة ولا ثقة في المليشيا، ويبدو أن مستشاري المليشيا الأشقاء أمّنوا أملاكهم لأحد الشخصيات، وهو ما يضع كثيراً من الخطوط حول تلك الشخصية!
الملاحظة أن المليشيا، عبر تهجيرها الممنهج لأهل القرى، تريد أن تفتعل أزمات تُشغل بها حكومة شمال كردفان، وتشكل ضغطاً على خدمات الولاية التي تعاني كثيراً في ظل التدخل المركزي البطيء لمعالجات الخدمات بولايات كردفان، وعزوف بعض المنظمات الإنسانية وخوفها من تقلبات الواقع الأمني. فاستقرار الأبيض يعني استقرار كل ولاية شمال كردفان، الأمر الذي يتطلب جهداً شعبياً واسعاً وحركة للمنظمات الوطنية لامتصاص أزمات النزوح المتمددة.
الولاية تتحمل نواتج النزوح من ولاية غرب كردفان ومدنها المختلفة، وكذلك النزوح من الحمادي والدبيبات وغيرها من مناطق ولاية جنوب كردفان، وهو ما يتطلب جهداً أكبر. هذه المشاهد جعلت المدينة تغرق في الزحام البشري، وهو ما يترتب عليه دخول بعض شبكات المتعاونين مع المليشيا، والتي تشكل هاجساً للأجهزة المختلفة التي نجحت في توقيف بعض العناصر التي أضرت بالمدينة. فهل تعزز الأجهزة من قدرات أتيامها المشتركة في ظل عجز بعض الوحدات المتخصصة التي تعوزها الإمكانات اللازمة؟
ولنا عودة