مقالات

عثمان ميرغني يكتب: كلمة السفير السعودي

خرطوم سبورت

كلمة السفير السعودي..

عثمان ميرغني

أمس الدكتور كامل ادريس رئيس الوزراء استقبل سفير المملكة العربية بالسودان السيد علي بن حسن جعفر.. بعد اللقاء أدلى السفير بتصريحات ربما يراها البعض روتينية في سياق الود الدبلوماسي المعهود لمثل هذه اللقاءات.. لكن السفير الذي عهد عنه الدقة في ما يقول أورد كلمتين مفتاحيتين .. لهما دلالات مهمة ليس في السياق الثنائي فحسب، بل في مجمل السياسة الخارجية للسودان.
قال السفير السعودي (نتمنى أن يعود السودان إلى دوره في الانتاج و تعود التنمية..).

بالتحديد “الانتاج و التنمية” هما عنوان المرحلة المقبلة في تاريخ السودان.. لا وقت للدموع.. ضاع الكثير من عمر السودان المستقل في صراعات ومشاكسات و ملاسنات لم يكسب منها شعب السودان سوى التخلف والدمار والدماء المهدرة.
السعودية دولة مهمة تجاوزت السياق الاقليمي والجغرافي إلى محور ارتكاز دولي مهم.. تؤثر على مسارات السياسة الخارجية والدول والمحاور.
في الماضي القريب كان ينظر لها كقوة اقتصادية حاكمة ومؤثرة دوليا.. لكنها بفضل حنكة قيادتها الرشيدة تجاوزت ذلك إلى القوة الجيواستراتيجية التي تدير سياسات دولية عابرة للدول والقارات.
أنعم الله على السودان بالجوار البحري للسعودية.. فهو الشط الغربي المقابل في البحر الأحمر.. وهذا في حد ذاته من أثمن أصول الدولة السودانية.

يستطيع السودان بناء علاقات ثنائية طموحة مع المملكة في شتى المجالات.. وبالنظر للكلمتين المفتاحيتين من السفير السعودي ، “الانتاج و التنمية”، فإن التخطيط لشراكات اقتصادية انتاجية وتنموية مع السعودية يحقق للشعبين مصالح لا تقدر بثمن عابرة للأجيال.

في تقديري من الحكمة أن تقوم الرؤية في العلاقات الاستراتيجية مع السعودية على أن يكون السودان المدخل للقارة الأفريقية برمتها.. نقطة الارتكاز التي تجعل الاستثمار فيه مدخلا لـ54 دولة لها ارتباط وثيق جغرافيا بالسودان.. و يمثل السودان الواجهة البحرية الأمثل لحوالي 27 دولة أفريقية لا تحظى باطلالة على المياه الدولية.. وبعضها لها سواحل لكنها بعيدة عن مسار “طريق الحرير” أو “الحزام والطريق” للتجارة الدولية.. دول في أقصى غرب افريقيا تستفيد كثيرا من سواحل السودان لتختصر مسافات بحرية طويلة عبر الجنوب أو الشمال الأفريقي.

مثل هذه الشراكة بين السودان والسعودية مضمونة العائد على المدى القريب ولها مستقبل أكثر اشراقا على المدى البعيد.. لكنها تتطلب تخطي مشكلة الاستقرار في السودان.. وهنا لا يمكن لأحد سوى السودان أن يحقق ذلك.. أولا بانهاء الحرب كليا وجذورها.. وثانيا ببناء دولة المصالح المشتركة لكل السودانيين .
هل صعب أن نفعل ذلك؟
لنبدأ من الآن.. نتفق على الغايات والأهداف أولا.. وتحتمل التفاصيل تفاوت الآراء وتلاقحها ..

#حديث_المدينة الأربعاء 11 يونيو 2025

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى