
للحقيقة وجه آخر
خديجة الرحيمة تكتب…
“هروب من الموت بحثا عن الموت”
(غشونا ونزلونا في ممر مسافة 70 كيلو وقالوغ لينا تمشو بالجبل في مدخل سريع ونحنا علقنا في طريق ما معروف مويتنا قطعت ونحنا ما متخيلين المسافة بعيدة لحقونا عندنا ٥ باقة موية شالو مننا ٢ وخلو لينا ٣ بعد خلصت بقينا نشرب مرطب بتاع أطفال دايرين نحاول نرجع الزلط مع اخوي ونخلي اختي واولادها هنا ما بقدروا يمشو عليكم الله انتو لو بشر ولو عندكم انسانية حاولو انقذوا اختي واولادها مسافة 40 كيلو من الجبل عليكم الله انقذونا نحنا ملصنا هدومنا وجدعناهم بنجيكم بشكلنا ده وما تقولوا ديل مجانين والله العظيم نحنا سودانيين عندنا 50 يورو حاولوا انقذونا بنديكم ال50 يورو وتلفوناتنا بس عيشوا لينا الشفع ديل لو عايزين تودونا النيجر او ترجعونا السودان بنرجع هي مشقة طريق ومشينا عشان نفتش لحياة سمحة ونسند اهلنا لكن والله ما قدرنا نصل المرحلة دي نحنا انتهينا ولياقتنا 10% حاليا بتكلم انا قلبي بدق ولو ربنا ما وصلني تلفوني ما مقفول برمز وبتلقوا الفيديو ده في التلفون وصلوا لناس البيت بتلقوا اسم الهام علي النور او بت ناس العزاز بالعربي او صحبي اسمو جاجا القطري خشو عليهم وقولوا ليهم الناس ديل انتهوا وماتوا وصورونا ورسلوا لاهلنا الجثث اهم شي ترسلوا ليهم الجثث)
هذه كانت اخر عبارات لشابين ظهرا في مقطع فيديو مصور برفقة اختهم واطفالها بين جبال في صحراء الجزائر وهم يستغيثون بالجزائريين كانوا في وضع يكاد ان يتحرك الحجر تجاهه هذا المنظر الانساني المحزن ظهروا وهم يشربون مرطب الجسم (الباباي) لسد عطشهم بعد انتهاء الماء لديهم وربما خلص المرطب قبل أن يصل اليهم فريق الانقاذ اذا كان بالفعل هناك فرق انقاذ الشباب ظهروا وهم يرتدون (بناطلين) فقط ويقولون انهم قاموا بالتخلص من اقمصتهم من شدة العطش والتعب أختهم لم تستطيع ان تنطق حرفا هي واطفالها بعد ان هلكوا تماما مناظرهم تقشعر لها الابدان نتمنى ان تكون تجربتهم القاسية عظة وعبرة للاخرين كان الله في عونهم
المؤسف حقا أن هذه الحادثة لم تكن الاولى ولا الاخيرة لمهاجرين سودانيين يظهرون بفيديوهات وهم في اخر لحظات حياتهم فقبلهم كثر عدد من الشباب والاسر والاطفال فقدوا حياتهم في الصحراء ولكن في السابق كان الامر ربما ينحصر على الشباب فقط ولكن بعد اندلاع الحرب هاجرت الاف الاسر بطريقة غير الشرعية هربا من الموت وضيق المعيشة بحثا عن حياة افضل بحسب اعتقادهم ولكنهم واجهوا مصيرا مجهولا كثيرين توفوا وهم يحلمون بقطرة ماء بدلا من الحياة التي هاجروا لأجلها وأخرين على حافة الموت اما من وصل الى وجهته وحاول السير نحو طريق احلامه الى اوروبا فنسبة وصوله كانت ضعيفة جدا وشبه مستحيلة لأن البحر المتوسط ابتلع الالاف منهم ولكن على الاقل هؤلاء ماتوا في الماء بدلا من الصحراء ولا يمر اسبوعا الا وهناك مجموعة توفت في الصحراء او غرقت في سواحل المتوسط.
هناك من وصل وحقق جزء من احلامه واخر ضل الطريق وتقطعت به السبل كثير منهم ظهروا وهم يستلقون على الارض بعد انتهاء الماء والغذاء الذي بحوزتهم منهم من استطاع أن يرسل رسالته وهو في أخر لحظات حياته والاخر كطريح الفراش
نداءات الاستغاثة للسلطات والمنظمات في الصحراء كثرت ولا نعلم ما اذا كانت نسبة الاستجابة ضعيفة ام اذا كان للحظ السيء دورا في هذا الامر ولكنه “مقدر ومكتوب”
رسالتي للمهربين أنتم بلا أخلاق بلا ضمير بلا انسانية كيف تسمح لكم انفسكم بترك اطفال ونساء في طريق مقطوع كيف تنامون وتعيشون حياتكم؟
ما يحدث للماجهرين بنسة 80% او أكثر أنتم السبب فيه منكم من يقوم بالتخلي عنهم في نصف الطريق ويأخذ منه الماء والغذاء والمال ويذهب ومنكم من يقوم بقتله والسيناريوهات كثرت ولكن (ذنبهم في رقبتكم ليوم الدين)
أخيرا نتمنى من جميع الذين يفكرون في الهجرة غير الشرعية اذا كانوا سيذهبون عن طريق مهربين او بسيارتهم عليكم بالتفكير جيدا والتراجع عن ذلك “وطالما موت لموت” من الافضل ان تموت في بلدك معززا مكرما بدلا من الذي يحدث في الصحراء وهناك مثلا سودانيا يقول “البخيت بشوف في اخوه والشقي بشوف في نفسو” نتمنى ان تصل رسالتنا لكم
مع تمنياتنا للسودان بدوام الامن والاستقرار.