عصام ابومدينة يكتب… الحسم أم الاستنزاف.. أي مستقبل ينتظر معركة تحرير كردفان ودارفور
خرطوم سبورت

عصام ابومدينة يكتب…
الحسم أم الاستنزاف.. أي مستقبل ينتظر معركة تحرير كردفان ودارفور
عصام ابومدينة يكتب…
الحسم أم الاستنزاف.. أي مستقبل ينتظر معركة تحرير كردفان ودارفور؟
تمر البلاد بمرحلة دقيقة تتسم ببطء وتيرة العمليات العسكرية، حيث ما زالت بعض المناطق وولايات بأكملها خارج سيطرة الجيش حتى اللحظة. هذا الواقع يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل التحرير، وما إذا كان سيُنجز في وقت قصير أم أن المعركة مرشحة للاستمرار فترة أطول في ظل التعقيدات الراهنة.
من الجانب العسكري، يواجه الجيش تحديات لا يمكن إغفالها. من بينها أن تكتيكات المليشيا القائمة على التمركز في المدن والطرق الحيوية، والاستفادة من الكثافة السكانية في بعض المناطق، تجعل التقدم البري محفوفاً بالمخاطر. وإلى ذلك، فإن طول خطوط الإمداد من المركز إلى الأطراف يفرض عبئاً إضافياً يتطلب إدارة دقيقة وفعالة.
ومع ذلك، فإن الجيش يمتلك عناصر قوة مهمة، في مقدمتها سلاح الطيران الذي يتيح له تفوقاً نوعياً يمكن أن يغير موازين المعركة متى ما استُثمر بصورة شاملة ومدروسة. غير أن وتيرة استخدام هذا التفوق ما زالت محكومة بعوامل لوجستية وسياسية تجعل مسار العمليات أكثر بطئاً مما يتطلع إليه المواطنون.
وعلى ضوء هذه المعطيات، يمكن النظر إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار الحرب: الأول أن يتحقق الحسم السريع عبر تكثيف العمليات الجوية والبرية وقطع طرق الإمداد عن المليشيا، وهو سيناريو يتطلب موارد كبيرة وقراراً سياسياً حاسماً. الثاني أن تستمر المعارك وفق نمط الاستنزاف، حيث تتقدم العمليات ببطء مع ضربات متفرقة، وهو ما يعني إطالة أمد الحرب. أما الثالث، وهو الأسوأ، فهو الوصول إلى حالة من الجمود الميداني تبقى فيها المليشيا مسيطرة على بعض المدن والمحاور لفترة طويلة، ما يفتح الباب أمام تحديات إضافية قد تتجاوز حدود الداخل.
لكن الأهم من الحسم العسكري هو التفكير في اليوم التالي للتحرير. فاستعادة الأرض يجب أن تقترن بخطة واضحة لإعادة الإعمار، وإعادة بناء المؤسسات الأمنية والخدمية، إلى جانب إطلاق مسارات مصالحة مجتمعية تضمن استقرار هذه المناطق على المدى البعيد. من دون ذلك، يظل خطر تجدد الأزمات قائماً حتى بعد تحقق النصر العسكري.
إن السؤال المطروح اليوم ليس ما إذا كان الجيش والقوات المساندة له قادرين على تحرير كردفان ودارفور، فهذه القدرة متوفرة ومؤكدة، وإنما ما إذا كانت الظروف السياسية والاقتصادية ستسمح بتوظيف هذه القدرة لتحقيق الحسم في وقت قصير. فإطالة أمد المعركة تعني مزيداً من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها المليشيا في مناطق سيطرتها المؤقتة والتي – بلا شك – يدفع فاتورتها المواطن ، بينما الحسم السريع يفتح الباب أمام مرحلة جديدة يمكن أن تُبنى فيها أسس السلام والاستقرار…. فهلاَّ عجلتم بذلك